رئيس اتحاد الكتاب العرب يختم حياته بلعن التطبيع والمطبعين

الشوارع

بصرف النظر عن بعض الأصوات التي ربطت بين آخر مقال للراحل حبيب الصايغ الذي هاجم فيه التطبيع والمطبعين وموته المفاجيء، وفضلا عن المكانة الاعتبارية للصايغ كرئيس لاتاد أدباء وكتاب العرب،فإن اللافت هو هذه النهاية المشرفة قوميا وإنسانيا لرجل ــ مهما قيل عن ارتباطاته الرسمية بنظام بلاده ــ فإن الأمور بخواتمها.

وإذ تترحم “الشوارع” على الصايغ وتدعو الله له بالغفران ولأهله بالسلوان، تعيد نشر مقالته الأخيرة تكريما لقلمه السيال شعرا ونثرا،وإكراما لروحه إنسانا أديبا وزميلا في الصف الأول:

هكذا خط الزميل المرحوم حبيب الصايغ صاحب ديوان أخر كلمات له في هذه الحياة:

“نعم. الشعوب العربية ضد التطبيع مع «إسرائيل» قولاً واحداً، ولا يستقيم أو يتصور أن يكون العربي مع التطبيع، وإذا ارتفعت أصوات هنا أو هناك تحاول تمرير المسألة بقول أو تغريدة أو نحوهما فليس إلا التوجه الشاذ والمرفوض. دعاة التطبيع ضد المبادئ والقيم لأنهم يقبلون الظلم، ويهادنون، بأي شكل من الأشكال، عدواً لأوطانهم وأمتهم. من هنا فإن فلسطين، وفي صميمها وصميم قلوبنا القدس، بعض أرواحنا وكل أعمارنا، وصباحاتنا الأولى منذ الطفولة وطابور الصباح، ومنذ الأناشيد الأولى التي كونت دمنا في العروق، ووعينا في الأفئدة والبصائر.

نعم. الشعوب العربية ضد التطبيع، بأشكاله كافة، وهذا الكلام الذي يجب أن يقال دائماً. يجب أن يقال الآن بالذات، حين تتخلف أصوات عن الموكب، موكب الشمس وفلسطين، وتقع في مستنقع التطبيع والتساهل المخزي مع القضية الفلسطينية التي هي قضية العرب المركزية الأولى والمركزية بلا منازع، بل إن فلسطين قضية الضمير الإنساني مطلقاً، حيث يختصر اسم فلسطين الغالية تاريخاً من المواجهة ضد قوى الاحتلال الغاشمة ومن يساندها عبر العقود

ولا حل إلا بعودة الحقوق الفلسطينية كاملة غير منقوصة. هذا الحلم ليس مستحيلاً أو عصياً على التحقق، فكل الملابسات تؤدي إليه، وكل الأسباب الموضوعية تؤدي إليه، ويدرك هذا، على وجه الخصوص، جلياً وتماماً وإلى المدى الأخير، كل من قرأ التاريخ وعرفه، وكل من تمعن في تجارب الأمم والشعوب، فاستمرار احتلال فلسطين، في ضوء قراءة ومعرفة التاريخ، لا يكون، لا يمكن أن يكون  

لا للتطبيع، ولا للأصوات «الهلكى» التي تطالب بالتطبيع من الخليج إلى المحيط.  

هذه الأصوات لا تمثل إلا نفسها، ولا تنبئ إلا عن ضمائرها المريضة بالخوف والزيف. ليست مريضة فقط، وإنما هي مجرمة أيضاً، لأنها تستخف بأرواح ودماء الشهداء، وآلام وأنين الجرحى والمصابين والأسرى وملايين الفلسطينيين والعرب، حيث قضية فلسطين قضية الفلسطينيين والعرب، ولقد خاضت النخب العربية حروباً من أجل مناصرة القضايا العربية، ولا قضية عربية منقطعة الصلة، منذ العدوان الثلاثي على مصر العروبة في العام 1956. من هنا فإن فلسطين رمز تاريخ ومستقبل، ولا يمكن أن تشطب، وهي كذلك، بتوقيع أو جرة قلم   

لم تكن فلسطين أول عشقنا فقط، ولا نسغ مواضيع إنشائنا الأولى فقط. لقد تربينا في مدرسة مهمة وكبيرة وعظيمة اسمها فلسطين، فكيف ننصت مثلاً للمطبعين العرب، مؤسسات وأفراداً؟ 

لقد أدخل بعض الإعلام العربي، للأسف، «إسرائيل» إلى كل بيت عربي، فكان ذلك محل الرفض والامتعاض، ونبذ العرب أمثال علي سالم وأنور عشقي، ولم يقبل العربي، طول عمر الصراع، أية تسوية تتجاوز الواقع إلى افتراضات مرسومة في أقاليم الجن والإنس وما وراء البحار والمحيطات.

وعندما اتخذت الإدارة الأمريكية قرارها الأهوج بنقل سفارتها إلى القدس أو بإقرار احتلال الجولان، قالت الشعوب العربية كلمتها من الخليج إلى المحيط، فالشعوب العربية مع فلسطين لأنها مع بصائرها ومصائرها. والشعوب العربية، كما كل الشعوب المحبة للحق والعدل والسلام، ترفض التطبيع قولاً واحداً.

 www.achawari.com

تعليقات الزوار
جاري تحميل التعاليق...

شاهد أيضا

يستخدم هذا الموقع ملفات تعريف الارتباط لتحسين تجربتك. سنفترض أنك موافق على هذا ، ولكن يمكنك إلغاء الاشتراك إذا كنت ترغب في ذلك. موافقالمزيد