خطاب الملك وحتمية دحر الوطنيين الصادقين جحافل الانتهازية

الشوارع

مع توالي السنين والمناسبات، تطور الخطاب الملكي إلى أن وصل بعد مضي حوالي عقدين على حكم محمد السادس، إلى ما يمكن أن نسميه جيل خطابات القرب و المباشرة.

فقد تخلصت نصوص الخطاب الملكي تدريجيا من الطول والدسم المصطلحاتي والديباجات التقليدية لصالح الرسائل المباشرة القصيرة، كما انزاحت عن الترميز لفائدة الخطاب الموجه إلى الهدف مباشرة.  

خطاب الملك محمد السادس ليوم أمس لمناسبة افتتاح الدورة الخريفية للبرلمان سار في النهج المشار إليه أعلاه،فقد ابتعد عن هموم المدينة وطرق باب البادية الفسيح بالتحليل والاستشراف وتناول الوضعيه الفلاحية في بلادنا واقعا ومستقبلا وإمكانات توفير شغل واستثمار، واستيعاب للطاقات المحلية عبر تحسين ظروف   استقرارها في عالم القرى.

 وفي هذا الصدد قال الملك إن “غايتنا انبثاق وتقوية طبقة وسطى فلاحية، وجعلها عامل توازن ورافعة للتنمية الاقتصادية والاجتماعية على غرار الدور الهام للطبقة الوسطى في المدن”، وهو فعلا توازن مطلوب تحقيقه منذ عقود بين مدينة ترنو إلى الحداثة وبادية مغربية غارقة في الفقر والتخلف والمرض.

 كما دعا الملك الحكومة إلى مواصلة تحفيز الفلاحين على الانخراط أكثر في تجمعات وتعاونيات منتجة ومتابعة التكوين في المجال الفلاحي.

  ونبه الخطاب الملكي إلى كون الأراضي المملوكة للجماعات السلالية يمكن أن تشكل رافعة لتحسين المستوى الاقتصادي والاجتماعي لذوي الحقوق، وهو ما قد يمكن من تعبئة مليون هكتار إضافية من هذه الأراضي.

ووعيا منه بطبيعة الإشكالات المرتبطة بالعيش في البادية وطبيعة البنية القانونية لبعض الأراضي، فقد أوضح الملك أنه “على غرار ما يتم بخصوص تمليك الأراضي الجماعية الواقعة داخل دوائر الري، فإنه أصبح من الضروري إيجاد الآليات القانونية والإدارية الملائمة لتوسيع عملية التمليك لتشمل بعض الأراضي الفلاحية البورية لفائدة ذوي الحقوق”.

 إلى ذلك، دعا الملك إلى دراسة إمكانية فتح بعض القطاعات والمهن غير المرخصة حاليا للأجانب، كقطاع الصحة، مبرزا  الاهتمام المتزايد الذي تعبر عنه العديد من المصحات والمستشفيات العالمية، المشهود لها بالتميز، من أجل الاستثمار في بلادنا.

وبهذا الخصوص يرى الملك أنه “إذا كانت التحفيزات المغرية، تدفع بعض الطلبة للبقاء بالخارج، بعد استكمال دراستهم، فإن من شأن المبادرة التي نقدم عليها، أن توفر الظروف الملائمة للكفاءات المغربية، قصد العودة للعمل والعطاء بأرض الوطن، إضافة إلى تشجيع المنافسة الإيجابية والسليمة، بما يساهم في الرفع من جودة الخدمات”.

 وعلى صعيد أوسع  تحدث الخطاب الملك عن النموذج التنموي للمغرب، قائلا: “إذا كان من الطبيعي أن يأخذ هذا الموضوع المصيري، بالنسبة لمستقبل المغرب، وقتا كافيا من التفكير والحوار، فإننا نعتقد أن هذا الورش الوازن قد بلغ مرحلة متقدمة من النضج تقتضي الإسراع بتقديم المساهمات، وذلك في غضون الثلاثة أشهر المقبلة”.

وأمام ما عاشه المغاربة من وضع نفسي قلقل جراء الأحداث السلبية التي عاشتها بلادنا منذ شهور، فقد تميز الخطاب الملكي ليوم أمس الجمعة بفقرات قوية ومطمئنة ومحفزة للشعب/ المتلقي من قبيل:

ـــ  “الرهانات والتحديات التي تواجه بلادنا، متعددة ومتداخلة، ولا تقبل الانتظارية والحسابات الضيقة”

ـــ “فالمغرب يجب أن يكون بلدا للفرص، لا بلدا للانتهازيين”

ـــ “أي مواطن، كيفما كان، ينبغي أن توفر له نفس الحظوظ، لخدمة بلاده، وأن يستفيد على قدم المساواة مع جميع المغاربة، من خيراته، ومن فرص النمو والارتقاء”.

ـــ ” المغرب يحتاج، اليوم، وأكثر من أي وقت مضى، إلى وطنيين حقيقيين، دافعهم الغيرة على مصالح الوطن والمواطنين، وهمهم توحيد المغاربة بدل تفريقهم؛ وإلى رجال دولة صادقين يتحملون المسؤولية بكل التزام ونكران ذات”.

ـــ  “جميع المغاربة المعنيين،دون استثناء،سواسية في أداء الخدمة العسكرية،وذلك بمختلف فئاتهم وانتماءاتهم الاجتماعية وشواهدهم ومستوياتهم التعليمية”.

تعليق:

نعتقد أن هذا الخطاب لوحدة ــ لو فعل وطبق حرفيا ــ كاف لكي يكون برنامجا ومرشدا تنمويا ملهما لهذه الحكومة وللحكومات التي ستعقبها.

كما نعتقد أن الشعب المغربي يقدر عمق وواقعية الخطابات الملكية المنحازة للشعب، وبنفس القوة تستبد به الحيرة التي يلخصها في جملة على كل لسان تنطق بعد زفرة غضب أو تنهيدة حسرة: لماذا لا يطبقون خطابات الملك التي تكتسي طابع القانون والإلزامية؟

تلك يا سادة هي أم القضايا.

www.achawari.com

 

 

 

 

 

تعليقات الزوار
جاري تحميل التعاليق...

شاهد أيضا

يستخدم هذا الموقع ملفات تعريف الارتباط لتحسين تجربتك. سنفترض أنك موافق على هذا ، ولكن يمكنك إلغاء الاشتراك إذا كنت ترغب في ذلك. موافقالمزيد