د.امحمد لقماني
بيان غريب و غامض موقع من طرف واحد، صادر عن المتحدث باسم الخارجية الأمريكية، و الذي يتضمن عبارات لا تعكس الموقف الأمريكية المعترف بسيادة المغرب على صحراءه في عهد الإدارة السابقة للرئيس الجمهوري دولاند ترامب.
إذ تقول الفقرة الغامضة في البيان المذكور ما يلي :
" وأكد المجتمعان على دعمهما الكامل لجهود المبعوث الخاص للأمين العام للأمم المتحدة ستافان دي ميستورا الرامية إلى تعزيز التوصل إلى حل سياسي دائم و لائق لنزاع الصحراء الغربية. وأشار الوزير بلينكن إلى أن الولايات المتحدة لا تزال تعتبر خطة الحكم الذاتي التي تقدمت بها المغرب مقاربة جدية وموثوقة وواقعية وممكنة لتلبية تطلعات شعب الصحراء الغربية." !
فهل فعلا هذا الكلام أكده المجتمعان، أي بوريطة و بلينكن ؟ أم هو كلام يخص فقط بليكن عن الجانب الامريكي؟ هنا يجب على بوريطة أن يوضح !
و إذا كانت عبارة الصحراء الغربية لا تطرح مشكلا كبيرا بالنسبة للمغاربة على اعتبار أنه مصطلح جغرافي يحيل على ما يقابله من صحراء شرقية... إلا أنه موقف ليس فيه ما يميزه عن الموقف الأممي المعروف الذي يتكرر منذ سنوات طويلة عبر قرارات مجلس الأمن الدولي.
أما صيغة " لا تزال تعتبر" فقد يفهم منها أن الموقف الأمريكي براغماتي/حربائي و بإمكانه أن يتغير و يتزحزح لهذا الاتجاه أو ذاك حسب ما تفرضه ظروف النزاع و مصالح الأمريكان في المنطقة و تحديدا مع المغرب. بعبارة أخرى، هذا الموقف هو بمثابة سيف مسلط على رقاب المغاربة و يرقى إلى مرتبة الابتزاز الناعم للمغرب.
ثم إن البيان يعتبر أن الحكم الذاتي مجرد " مقاربة " بدون التشديد بالألف و اللام، و هذا يعني بإمكاني وجود مقاربات أخرى، و الحال أن الأمريكان يعرفون جيدا طبيعة المقاربة التي يتمناها الطرف الآخر، فضلا عن أنها المقاربة الأهم التي يفضلها مجلس الأمن الدولي. و فوق ذلك كله، أليس الأمريكان هم من كانوا أكبر محفز للحل السياسي في الصحراء عبر مقترح الحكم الذاتي ؟
و يختم البيان الموقف الامريكي الغريب بعبارة "شعب الصحراء " عوض "ساكنة الصحراء "، و هذا الموقف ملغوم لانه لم يوجد أبدا شيء اسمه شعب الصحراء أو الشعب الصحراوي، بل هناك شعب مغربي واحد و موحد، يسكن جزء منه إقليم الصحراء. هذا لأن مفهوم الشعب هو مصطلح سياسي يحيل إلى وجود كيان دولتي مستقل يبدي له الولاء، و الحال أنه قبل نشوء النزاع لم تكن هناك دولة أخرى غير المغرب و لم يكن هناك شعب بهذا التوصيف، و رابطة الولاء الوحيد لقبائل و سكان الصحراء كانت لسلاطين المغرب و هذا ما أكده الرأي الاستشاري لمحكمة العدل الدولية سنة 1975.
لكل هذا الاعتبارات، يظهر أن بيان الخارجية الأمريكية غريب و لا يعكس التطور الملحوظ في العلاقات المغربية الأمريكية، سواء في الجانب الاقتصادي و السياسي، أو العسكري الاستراتيجي.
لست متأكدا إن كان لتقرير الخارجية الأمريكية حول حقوق الإنسان بالمغرب علاقة بالموضوع ، لكن في تقديري، قد تكون هذه هي الأسباب التي جعلت بوريطة يرفض التوقيع على أي بيان مشترك بين الجانبين. غير أنه في مقابل هذا البيان الغريب للخارجية الأمريكية، كان على الخارجية المغربية أن تصدر بيانا منفردا تضع فيه النقط على الحروف و تذكر فيه بالموقف الامريكي المرجعي للادارة الأمريكية بخصوص الاعتراف بسيادة المغرب على صحراءه.
WWW.ACHAWARI.COM