الشوارع/المحرر
منذ اللحظة الأولى لانطلاقه كان كل شيء يقول إن كاس العالم بقطر لن يكون كسابقيه ولا لاحقيه. ومنذ بدأ إشعاع النخبة الوطنية بالدور الأول من الإقصائيات تبدى للناس أن بجعبة هؤلاء الشباب كلمات قوية ستنتج عنها ارتدادات لاحقا.
وذلك ما كان قولا وفعلا.
قطر فازت بكل شيء في كأس العالم وتركت للأرجنتين "الكأس" وللمغرب مجد الإنجاز واكتساح اسم وصورة المغرب للعالم..وهي مكاسب لا تكفي أموالنا ومقدرات أمتنا لو صرفناها لنروج لوطننا كثقافة وسياحة.
لكن ومباشرة عقب الاستقبال الملكي الرائع للمنتخب ولأمهات اللاعبين، مع ما حمله من رسائل اسعدت بني الوطن وعشاقه، فقد آلمت الصور من في قلوبهم أمراض لا شفاء منها.
سلوك لاعبينا الشباب، وغالبيتهم ولدوا أو نشأوا في الغرب، بدا مستغربا لبعض العالم، ولم نستغرب له لأنهم نتاج تربية البيت، وكفاح الوالدين.
ولكن الإعلام الألماني استغرب وهاجم وشتم وشبه أبناءنا الساجدين بالدواعش حاشاهم وحاشا من أنجبوهم وربوهم من تهمة التطرف والإجرام. ولقد عاد الإعلام الألماني ليعتذر..على من يضحكون.
ولكن قلنا: لا بأس، هؤلاء نقيضنا الثقافي المصاب برهاب الإسلام..كل الإسلام.
ما لا يستساغ بالمرة هو ما أقدم عليه "بعض الإعلام" المحسوب بزز على مهنة صارت مستباحة تماما ومشرعة أبوابها على الذباب والهباب.
وفي زمن "التنظيم الذاتي للمهنة" رأت "بعض الصحافة" أن اللاعب الجميل بوخلال سلفي متطرف يحمل أجندة تهدد الدولة والمجتمع والمنتخب.
لماذا؟
لأنه يصلي ويسجد ويقرأ القرآن ويدعو اصدقاءه غير المسلمين لاكتشاف الإسلام....يا سلام.
هذه "الصحافة" لم تخش على الدولة من الخونة والفسدة الحقيقيين الذين يهددونها، ولم تخف على المجتمع من كل "طوطوهات" الفحش والانحلال، ولم تنطق بكلمة خشية على المنتخب عندما كان بعض اللاعبين يضربون الشيشة ضربا وهات يا فضائح.
وإذ نثني على جامعة الكرة لأنها لم تتأخر في الدفاع عن بوخلال وعن سمعة فريقنا الذهبي،وهددت باللجوء إلى القضاء بحق من ظلم هذا اللاعب واثار استنكارا غير مسبوق في أوساط الرأي العام الوطني، فإن اللحظة مواتية لنطرح بعض الملاحظات:
ــ القول إن المنتخب مخترق يعني في ما يعنيه أن استخبارات المغرب "ناعسة"، وهذه شتيمة بحق مؤسسات البلاد ورجالاتها.
ــ بلاغ المجلس الوطني للصحافة المتأخر زمنيا جاء من باب رد الفعل ويثبت أن هذه المؤسسة الموكل إليها تنظيم المهنة تساير بدل من أن تستبق وتآخذ بزمام الأمور دون تردد أو وجل.
ــ قبل هذه الواقعة صدر عن "بعض الصحافة" أيضا تصريح لشخص نصب نفسه ناطقا باسم الشعب المغربي و"أفتى" بشأن رفع لاعبينا العلم الفلسطيني، ولم يصدر بلاغ للمجلس أو للنقابة ليردعه ويقرص أذنه ويجره إلى لجنة الأخلاقيات.
ــ قبل أيام صرح وزير الاتصال أنه بصدد مراجعة معايير دعم الصحافة الوطنية، وفي الحقيقة فقد وجب عليه قبلا تنظيم ندوة وطنية لنحدد فيها ما معنى أن تكون صحافيا؟ ومامعنى صحافة رقمية؟ وما حدود اللقاء والافتراق بين الحزبي والمهني؟ وما معايير منح البطائق؟ وما معنى الانتخابات داخل هذا القطاع المنكوب؟
لقد أتيحت لرجل مناسب اسمه وليد فرصة صغيرة ليكون بالمكان المناسب فحقق معجزة في أقل من مائة يوم.
لن تقوم لبلادنا القائمة التي تستحقها إذا لم يتم تجفيف المستنقعات كلها بقرارات فوقية صارمة، من كل الميكروبات والطفيليات التي تنخر المؤسسات المختلفة وتهددها بالخراب المبين.
لقد عششت الزبونية والمحزوبية في مفاصل المؤسسات بدءا من الإعلام وسير سير سير....وهذه الميكروبات قضت تقريبا على المناعة بجسم البلاد وأصابت مفاصلها بالتكلس..ومن المحال أن ينطلق قطار بلادي وقد علا الصدأ عجلاته..ودخل "البرد" إلى عرباته.
قوموا لمحاربة الفساد..قوموا للديمقراطية...قوموا للمحاسبة يرحمكم الله.
www.achawari.com