ما حاجة الدولة والمجتمع إلى حكومة تشعل الفتن وتهدد استقرار البلاد؟

أحمد الجـــَلالي

لعله ليس من الصدفة في شيء أن تكون حكومة يرأسها أكبر تاجر للمحروقات في المغرب أشعلت حرائق من كل صنف ولهب في المغرب وهي بعد في “سوقيها” الأولين، نقصد أنها وليدة ما تزال في “البامبرز” إذ لم تتخط الأسبوعين بعد ولادتها.

وفي خضم تفاعلات هذه العاصفة التي خلفها قرار أخرق بفرض جواز التلقيح فجأة وخارج أي حوار لأن القضية مسألة رأي عام، وبعيدا عن أي تواصل بمعناه المهني، ولا هي اعتبرت في شيء حساسية الموضوع من الناحية القانونية الدستورية والاقتصادية والمجتمعية. في خضم هذا كله صار المغاربة مع القوم أحير من ضب، كما تقول العرب.

وعلى العكس تماما من فيضان “البروبغندا” التي أغرقت بها الترويكا الحزبية المسيطرة على الاقتصاد والأغلبية الحكومية والبرلمان، اختفى أخنوش و”أدواته” “الإعلامية” وتوارى وهبي، العائد في كلامه بعدم الاستوزار، وكأن ما يحدث في هذا المغرب لا يعنيهم في شيء بعدما استووا على كراسي الوزارات، ولم نسمع لثالثهم نزار بركة حسا ولا خبرا.

وبعيدا عن الكم الهائل من الحجج التي طرحها الأخصائيون ،وحتى عامة، سفهت ما أقدمت عليه الحكومة في شخص وزيرها القديم/الجديد في الصحة، من قرارات وإجراءات روعت الناس وقسمت شعبا بكامله عبر “بلاغ حكومي” إلى فسطاط الملقحين وفسطاط الرافضين.

نعم أحدثوا خلال بضعة أيام شرخا مرضيا في صفوف أمة هي أحوج ما تكون اليوم إلى جبهة داخلية صلبة متماسكة وموحدة لمجابهة التحديات والمكائد والمخاطر المحلية والإقليمية والدولية التي تحدث عنها الملك رئيس الدولة غير ما مرة.

فهل تتابع الحكومة الخطابات الملكية وتفهمها وتسير في ركابها أم تنظر ولا ترى.. وتسمع من غير فهم؟

وبعد انتهاء “حفلة” الانتخابات وانقضاء موسم التبليص تبخرت حكومة لا يبدو أنها تتوفر على أي من الكفاءات المزعومة ماعدا “موهبة” إشعال حرائق غلاء المحروقات والسلع وعرقلة ما تبقى من حياة شبه طبيعية لملايين المغاربة.

وكل ما استطاعوا فعله أمام خروج الناس للشارع بعد أن ضجت مواقع التواصل بالاستنكار هو “إرسالهم” وزير “التواصل” ليتواصل ــ لا ندري مع من ــ ويقول أي كلام في برنامج لا أحد يدري الغاية منه في قناة صارت عنوانا لهدر مال الشعب ورمزا للإفلاس المهني والاقتصادي.  

وكل ما “قدرهم الله عليه” كجواب على أزمة هم سببها، أنهم أرسلوا قوى الأمن وأعوان السلطة لتفريق احتجاجات بمدن متفرقة بالمغرب.

نعيدها للمرة الألف: الأمن المغربي مؤسسة صنعت لحفظ الأمن والمساعدة على السير العادي والانسيابي للشارع والمؤسسات، فضلا عن مكافحة كل أخطار الجريمة والإرهاب. فهل التعبير السلمي عن رفض قرار حكومي أرعن جريمة أم تطرف أم إرهاب؟

ثم ماذا اقترف أبناء المغاربة من رجال السلطة بكل تلاوينها حتى يزج بهم في صدام لا داعي له مع إخوتهم المدنيين؟ ولماذا إنهاك الآلة الأمنية نفسها في معاركة ليست معركتها الحقيقية ولا معركة للوطن، وتبديد طاقتها في غير ما يجب أن تستثمر فيه؟

المقاربة الأمنية في كل شيء ليست من الحكمة في أي شيء.

لقد صار لزاما علينا كمغاربة مواطنين اليوم أن نطرح الأسئلة التي يجب أن تطرح وبالوضوح اللازم:

ــ إذا كانت الخواتم بنت البدايات فقد ظهر العربون الأسود الكالح لحكومة لا تلوي على شيء من الحكامة والرشد وحسن التصرف، وذلك بالنظر إلى سرعة وارتجالية قراراتها بحيث أصبح الزمن “مضغوها” بالمعنى الرقمي، وإذن فالمائة يوم الأولى من عمر حكومة تسير بهذه السرعة المجنونة في المنحدر تتطلب تشغيل جهاز الإنذار في مخ الدولة.

ــ تثبت الأيام والوقائع أن مثل من يطالبون بملكية برلمانية في المغرب مثل المطالبين بالإعدام الطوعي عبر الإجلاس على الكرسي الكهربائي.

لماذا؟  

ببساطة لأن حالنا ــ والملكية بصيغتها التنفيذية حية قوية ترزق ــ صار لا يسر صديقا ولا عدوا، فما بالكم لو تُركنا لطغمة الانتفاعيين ليستفردوا بنا باسم “برلمان يحكم”؟

ــ وعليه، إذا كانت الخلطة الحكومية الحالية “غير صحية” فمن باب أولى سكب الكأس الملوثة قبل أن يتجرعها الجسد المغربي الذي كان يأمل في العلاج السريع من سموم المراحل السابقة.

ــ هذه المرة تمادت أصابع العبث إلى مستويات ومناطق حساسة لم يسبق للمغاربة أن عاشوها وليسوا مستعدين للتعايش معها لأنها ترمي إلى الإخضاع والإذلال والإهانة، والأخطر سيكون التأسيس لضرب القانون وتفويض الصفة الضبطية وصلاحيات التفتيش للجميع وكأننا في غابة. فحتى في حالة الحرب وحالات الطوارئ التي تتقلص فيها مساحات الحرية والحركة، تظل صلاحيات السلطات في يدها حصريا.

ــ وعليه، مرة أخرى، فلم يبق أمامنا سوى أن نلتمس من كبير الحكماء بكل توقير وأدب: “الأمة تشعر بألم حاد أسفل البطن وبمغص رهيب في الأمعاء وصداع جهنمي في الرأس وصفير مخيف في الأذنين والتهاب في الحلق و ضغط شديد على مستوى شبكة العين مع تشوش في الرؤية و اجتفاف في الفم و حرارة غير طبيعية مع ارتفاع في الضغط.. أغثنا بالدواء الشافي، وغير الفريق الطبي كله..

 إننا شعب صبور كما تعلم يقينا، ولكن، يا سيد الحكماء والعارفين، فحياة السيدة الموقرة المصون ” الأمة المغربية” في خطر حقيقي هذه المرة. والرأي ما ترون”

www.achawari.com

تعليقات الزوار
جاري تحميل التعاليق...

شاهد أيضا

يستخدم هذا الموقع ملفات تعريف الارتباط لتحسين تجربتك. سنفترض أنك موافق على هذا ، ولكن يمكنك إلغاء الاشتراك إذا كنت ترغب في ذلك. موافقالمزيد