“الشرع اعطانا ربعة”…التعدد كما أفهمه أنا ويساندني الواقع

أحمـــد الجــلالي

لا يكف الناس أبدا عن الجدال حول الشرع والقانون والحداثة والواقع…ولن يكفوا عن السجال حول التعدد، تعدد الزوجات والزيجات في المجتمعات المسلمة.

يتكرر الموال نفسه دائما، وينتفض دعاة التعدد بكل شهوانية واعتداد بالنصوص، ويحتج دعاة الاكتفاء حاملين لواء الحداث بضجيج لا يخفى..وإلى أن ينتهي أو يهتدي صراع الديكة والدجاجات وباقي الكائنات مذكرة ومؤنثة، لي تفسيري الشخصي/الواقعي لقضية “الشرع اعطانا اربعة”.

الأولى: أن تحب أول فتاة في صباك أو في مراهقتك وتذوب في دباديبها، لكنها لن تبالي بك وستمضي إلى حال سبيلها سواء أن تحب وتزوج من أحبت ــ وهذا مستبعد ــ أو تغمض عينيها وترضى بالنصيب الذي يصيب، غالبا بما لا تشتهي الأنفس، أو يزوجونها غصبا عنها وتعيش تعاسة إلى آخر العمر أو قد تنتهي القصة بالطلاق والضياع.

الثانية: أن تحب فتاة وتبادلك هي الحب نفسه أو أقوى منه لكن ستنتصب أمامكما “لكن الواقع العاهرة” فتمنعك ظروفك المالية والوظيفية من الوصول إليها ثم تتفرق بكما السبل..وفي يوم”وانت اريح جوال” ستصادفها أو تصادفك وهي تجر خلفها صبيانا وبناتا أو أنك تجر وراءك “مصيبتك” التي أصبتها وأصابتك وفي بطنها أو على ظهرها مخلوقات “كافحت ربما مرغما” لإنتاجها..إنما الأكيد أنكما معا ــ أنت ومن أحببت ــ تجران في نفسيكما معا ندوب الخيبات إلى يوم البعث.

الثالثة: وهذه ليست دائما ثابتة. أن تجدها أو تجدك هي في سن “بعض التعقل” ولكن كليكما يكون مثقلا بما لا يقال لكنه يفهم فهما أليما. تقبل بها وتقبل بقليل من المضض وغير قليل من “العين المكسورة” وتعششان في مكان ما على وجه الأرض. تؤديان الواجب الوطني فقط لأن المجتمع يريد هذا وما لكما في الأمر من حيلة..تمضيان ما تبقى من العمر في انتظار أن تأزف الآزفة وما بين الحين والحين تسرحان معا في ماضيين لا مشترك بينكما فيهما. تكونان معا ولا تكونان معا.

الرابعة: أن تمضيا العمر كله تبحثان عن بعضكما، وتبديان من العناد  في وجه الرضوخ لمقتضيات الزمن والتقاليد، ورفض الهدنة مع كل صوت يحثكما على الرضا بالمتاح والاستسلام للمتعارف عليه..تمضيان زهرة العمر وربيعه وصيفه ويقترب الخريف..خريف العمر..ثم تلتقي العينان..في زاوية ما بمكان ما في لحظة يتوقف فيها الزمان…نعم هو هذا..نعم هي هي التي…وتلتقيان بعد رحلة العمر…لكن العمر يكون قد فات.

إن التعدد الذي لا يريد أحد الانتصار إليه هو تعدد الثقافات والقبول بتعدد وجهات النظر والاختلاف في كل شيء، وتلك آية من آيات الخالق المبدع.

إن التعدد الذي يتفادى النضال من أجله الغالبية الساحقة هو التعدد في الرأي الفكري الذي ينفع ولا يضر، ولم تنعم بثمراته كفلسفة وثقافة غير المجتمعات التي أدت الفاتورة كاملة ورست في النهاية على بر التعدد الآمن.

إن التعدد الذي يحتاجه ما يربو عن مليار مسلم وعربي هو التعددية السياسية والقبول بنتائجها. سنبقى أمما وشعوبا متناحرة مقززة إلى أن نقر في نهاية مطاق مرهف ومكلف بأن وجهة النظر الواحدة..وصفة قاتلة.

 إن التعدد الذي مازلنا أضعف من تمثله هو التعدد الذي يقول في النهاية إن الكل واحد..فأن تهان أنت هي إهانة لي وأن تظلم كما أن العالم كله ظلم…صدق الرحمان الرحيم :

 “.. مَن قَتَلَ نَفْسًا بِغَيْرِ نَفْسٍ أَوْ فَسَادٍ فِي الْأَرْضِ فَكَأَنَّمَا قَتَلَ النَّاسَ جَمِيعًا وَمَنْ أَحْيَاهَا فَكَأَنَّمَا أَحْيَا النَّاسَ جَمِيعًا”  ـــ  سورة المائدة الآية الثانية والثلاثون.

www.achawari.com

 

 

 

 

تعليقات الزوار
جاري تحميل التعاليق...

شاهد أيضا

يستخدم هذا الموقع ملفات تعريف الارتباط لتحسين تجربتك. سنفترض أنك موافق على هذا ، ولكن يمكنك إلغاء الاشتراك إذا كنت ترغب في ذلك. موافقالمزيد