رسالة الملك لـ”كرانس مونتانا”..محمد السادس يرسم لأفريقيا طريق المستقبل

الشوارع

 

وجه الملك محمد السادس رسالة إلى المشاركين في الدورة الرابعة لمنتدى “كرانس مونتانا” بمدينة الداخلة.  

وأعرب الملك عن ارتياحه لما وصل إليه المنتدى من نضج كبير وإشعاع واسع، حيث أضحى “محفلا دوليا رئيسيا يحج إليه كبار صانعي القرار السياسي، وشخصيات مرموقة تمثل مجتمع الأعمال وعالم الفكر والمجتمع المدني من شتى المشارب، بالإضافة إلى نخبة من صناع الرأي من مختلف بقاع العالم”.

ونوهت الرسالة الملكية في افتتاح المنتدى بالقضايا التي يتناولها ومستوى المشاركين فيه وهي “كلها مقومات تتيح إغناء المناقشات واستكشاف آفاق جديدة، وبلورة قوة اقتراحية حقيقية، واستشراف المستقبل بمزيد من الاطمئنان والثقة. كما تمنح المنتدى إشعاعا دوليا كبيرا، بالإضافة إلى تكريس الأهمية الخاصة بقارتنا إفريقيا، بوصفها قارة المستقبل”، بتعبير الرسالة ذاتها.

إلى ذلك، شدد الملك محمد السادس  على  أهمية توفر أفريقيا على أعلى نسبة من الشباب بالعالم، كما يتوقع أن يبلغ تعداد سكانها مليارين ونصفا بحلول عام 2050، نصفهم شباب يقل سنهم عن الـ 25.

ويرى الملك أن هؤلاء الشباب يشكلون  “ثروة ديمغرافية مهمة ينبغي تدبير تأهيلها بحكمة وتبصر. فمن شأن هذا التطور الديمغرافي الهائل أن يحدث تحولا كبيرا سيغير مجرى الأمور، لا على صعيد إفريقيا فحسب، بل يمتد إلى كل جهات المعمور. كما يشكل هذا الرصيد البشري ركيزة أساسية للتنمية، وفرصة ثمينة يتعين على قارتنا استثمارها للحاق بركب القوى الصاعدة”.


  ولكي تستجيب القارة السمراء للتطلعات المشروعة لشعوبها، عليها، حسب الرؤية الملكية، تسخير كل الإمكانات المتاحة، خصوصا عبر التعاون “جنوب ـــ جنوب”.كما أبرزت الرسالة الملكية أن بلادنا “من البلدان الإفريقية التي يحدوها طموح كبير وإرادة أكيدة لتمكين إفريقيا من تولي زمام أمورها والتحكم في مصيرها.

  وذكر الملك أنه “فبتوجيه منا طور المغرب نموذجا مبتكرا حقيقيا للتعاون جنوب – جنوب، قوامه تقاسم المعارف والكفاءات والخبرات والموارد، مع إشراك كافة الأقاليم الفرعية للقارة والقطاعات ذات الصلة … فقد تمكن المغرب من اكتساب خبرات تحظى بالاعتراف والتقدير على الصعيد الإفريقي، سواء في المجالات المرتبطة بنقل التكنولوجيات، أو تقاسم المعارف، أو إقامة شراكات بين القطاعين العام والخاص في مختلف الميادين، أو في مجال التكوين والتعليم العالي”.

  فعلى مدى خمس عشرة سنة، تضيف الرسالة نفسها،  أبرم المغرب 1000 اتفاق تعاون مع 28 بلدا إفريقيا؛ وهي اتفاقيات تتعلق بمجالات متنوعة، تشمل التعليم والصحة، والتكوين في مجال البنيات التحتية، والفلاحة، مشددا على أن “العرض المغربي، الذي يضع العنصر البشري في صلب انشغالاته، ويجمع بين المكون الاقتصادي والاجتماعي، وبين البعد الثقافي والروحي، وبين الجانب الأمني والعسكري، يظل من هذا المنظور أيضا نموذجا فريدا من نوعه”.

من زاوية أخرى، شددت الرسالة الملكية الموجهة للمشاركين في الدورة الجديدة لكرانس مونتانا، أن “هذه التوجهات المؤسسة على التقاسم المفيد للجميع، وعلى تعزيز الشراكات القائمة بين مختلف مناطق القارة، هي التي تؤطر عودة المغرب إلى أسرته المؤسسية المتمثلة في الاتحاد الإفريقي”.

وكما هو معروف عن ملك المغرب انشغاله بالقضايا الأفريقية الإنسانية والاقتصادية التنموية فقد تناولت رسالة محمد السادس قضية الهجرة التي قال عنها إنها “تشكل في حد ذاتها فرصة يمكن استثمارها، وليست تهديدا بأي شكل من الأشكال”.

 وأوضحت الرسالة الملكية في هذا الصدد أن “أزمة الهجرة التي نشهدها اليوم ليست حديثة العهد، ولا ينبغي اعتبارها قدرا محتوما. فهي تتطلب منا العمل على تعزيز التعاون بين البلدان الإفريقية، في المقام الأول، ثم مع بلدان الشمال. وبصفتنا رائدا للاتحاد الإفريقي في موضوع الهجرة فقد اقترحنا على الدورة الثلاثين لقمة الاتحاد الإفريقي أجندة إفريقية حول الهجرة تتمحور، على الخصوص، حول إحداث مرصد إفريقي للهجرة، وإحداث منصب المبعوث الخاص للاتحاد الإفريقي المكلف بالهجرة، وذلك من أجل الإلمام الصحيح بهذه الظاهرة في أبعادها الشاملة”.

   وعن المجال البيئي والتغييرات المناخية  قال الملك إن إفريقيا “تدفع ثمنا باهظا في هذا المجال، على الرغم من أن ما تطرحه من غازات مسببة للاحتباس الحراري لا يتعدى 4 بالمائة من مجموع الانبعاثات في العالم ككل. وقد حرص المغرب، حين استضاف الدورة الثانية والعشرين لمؤتمر الأطراف في اتفاقية الأمم المتحدة الإطارية بشأن تغير المناخ (كوب 22)، على تيسير الشروط الكفيلة بتفعيل اتفاق باريس حول المناخ، من خلال مؤتمر رفع شعار العمل الفعلي، ووضع انشغالات إفريقيا في صلب المناقشات التي تخللت أشغاله…”

وأبرزت الرسالة الملكية أيضا أن إفريقيا “تعيش مفارقة تتجلى في امتلاكها جل الموارد الطبيعية الضرورية لتحقيق تنمية بشرية مطردة، بينما تعاني شعوبها الفقر والتهميش في ظل الاقتصاد العالمي. وفسر: “التجارة البينية الإفريقية لا تمثل سوى 13 بالمائة من إجمالي المبادلات التجارية على الصعيد القاري، ولا يتعدى حجم مساهمتها في التجارة الدولية نسبة 2 بالمائة. وبالتالي، فالقارة مطالبة، أكثر من أي وقت مضى، باستثمار الفرص التي تتيحها العولمة والاستفادة منها على النحو الأمثل…”

وعن الجهوية المتقدمة، أوضح الملك ” لقد أردنا لجهات المغرب الاثنتي عشرة أن تؤسس لشكل جديد من النمو الاقتصادي: نمو شامل، تساهم فيه كل القطاعات العمومية والخاصة، مع التركيز على تقوية التماسك الوطني وتعزيز الولوج إلى الخدمات العمومية في مناطق تتمتع بمؤهلات تنموية واعدة”.

وعن الورش نفسه أردفت الرسالة أنه “إذا كانت هناك جهة تجسد التنزيل الفعلي لمفهوم الجهوية فهي هذه الجهة الجميلة التي تجتمعون فيها اليوم، لاسيما هنا في مدينة الداخلة: فقد شهدت تحولا عميقا في المجالات السياسية والاقتصادية والاجتماعية، شأنها في ذلك شأن باقي الأقاليم الجنوبية. وإننا لعازمون على المضي قدما على هذا الدرب، حتى تستعيد الصحراء المغربية دورها التاريخي، بوصفها ملتقى طرق وصلة وصل بين مختلف أرجاء القارة..”.

وبنبرة متفائلة ختمت الرسالة الملكية أن بلدان إفريقيا قد انخرطت  في المسار الصحيح، “وهي تسير اليوم بخطى ثابتة على درب اللحاق بنادي الدول الصاعدة، بفضل حكمة قادتها وإشراك شعوبها في مسلسل ديمقراطي لا رجعة فيه، يستجيب لتطلعاتها المشروعة إلى السلم والتنمية البشرية وتثمين القدرات”

 كما أعرب الملك عن يقينه أن المشاركين في المؤتمر سيخرجون بتوصيات ومقترحات بناءة، سيكون لها الأثر الفعال في التصدي للتحديات المختلفة التي يواجهها العالم أجمع، وإفريقيا على وجه الخصوص”  داعيا إياهم إلى ” التعريف بمزايا نهج تعاون فعال ومتعدد الأبعاد بين دول الجنوب، وبفوائد اعتماد مقاربات تشاركية باعتبارها رافعة لتحقيق الارتقاء الجماعي “.

 

تعليق:

لله الشكر والمنة، ملك البلاد تعافى فعلا وصار قادرا ليس فقط على تتبع شؤون المملكة بل القارة الإفريقية بأسرها.لأصحاب الإشاعات المغرضة: موتوا بحقدكم.

www.achawari.com


 

 

 

 

تعليقات الزوار
جاري تحميل التعاليق...

شاهد أيضا

يستخدم هذا الموقع ملفات تعريف الارتباط لتحسين تجربتك. سنفترض أنك موافق على هذا ، ولكن يمكنك إلغاء الاشتراك إذا كنت ترغب في ذلك. موافقالمزيد