لا تكبر لأي حمار “بعرته”.. فيخال نفسه بغلا.. أو حصانا

أحمد الجـــلالي

” ولأن إرضاء الناس جميعا غاية لا ولن تدرك، فلم أسع يوما إلى “تكبير البعرة” لأي حمار..خشية أن يظن نفسه بغلا أو حصانا”.

هذا ردي الدائم على كل من ينصحونني بـ”السياسة” في التعامل مع الحياة وبالضبط مع فصيلة من الناس، في مواقع يتوهمونها سامية على الخلق، وأنهم فيها خالدون، والحقيقة أنهم محض عناصر ركبت في هيأة بشر سرعان ما ستكون وجبه لذيذة للدود تحت الأرض.

أسباب نزول هذه الخاطرة التي استحضرت قيم “تاحيماريت” في واقع تطغى عليه فلسلة ومشاريع “الاستبغال والاستهبال” هو هذا السيل الجارف من الحوادث والوقائع المتسارعة والمتداخلة مع بعضها البعض حد الذوبان. ويكفي أن تتصفح أول جريدة أو موقع أو تتابع أخبار البلد والأمة حتى يركلك مذيع بغل أو كاتب “بعير” في عقلك بحوافر الميكروفون أو أحرف الحاسوب.

ولأن السعي لإرضاء الساسة من قبل العامة و المنخرطين هو ما دفع بزعماء الأحزاب إلى “التحول” إلى كائنات كرسوية مترفعة عن “هبش” ولا تربطها به سوى مواسم الغرام الانتخابي، فإن الدهماء هي المسؤولة عن أي تصرف حماري من قبل “زعماء” الزمن الأغبر.

ولأن الشعوب هي من تصنع اصنامها بنفاقها وتملقها و”تكلبانيت” التي تستوطن دماء كثير منها، فإن الملايين هي المسؤولة عن حالة “التأله” التي تتلبس الحكام، وهذه الشعوب عليها سيقع ذنب سقوط أصنامها وما ستخلفه من أضرار “مادية ومعنوية”.

ولأن الكهنوت لا يستطيع أن يعيش ويتطور في غياب البيئة الحاضنة، فإن الناس هم من وفروا لكل “ألخماهو” المعبد والذبيحة العلنية ومسلخ الأضاحي والسكين ثم حضروا الطقوس ليكتمل المشهد المأساوي.

 كل هذه المآسي ــ كما ترون يا أحباب الشوارع ــ سببها تكبير “البعرات” لأهل النعرات. ولذلك، لا تكبوا لهذه الدواب التي تدب بين ظهرانينا روثها، فما أن يحصل ذلك حتى تستأسد، وتخرج عتن طبيعتها الجرذية، فنعيش حالة تمرد خطير على الطبيعة و مقاييس “النوع”…..

وعلى ذكر “النوع” فإنه صار حصان طروادة النساء في الأحزاب والنقابات وما شاكل من ضيعات النضال والريع.

 فالنوع هو منطلق المحاصصة، ودم الحيض والنفاس هو الفيصل في النزاعات و المشاريع الاستراتيجية والمعارك الوجودية.

مصيرنا في الحقيقة بين أيدينا ومتوقف على قرارنا بلجم البغال والحمير وباقي الدواب الحرون.

 وفي الواقع فإن سبب مآسينا في غالبها الأعم أننا نصفق لنهيق الحمار الانتخابي ومن كثرة تعودنا على هذه العادة طالعلنية” حل النهيق في مسامعنا مكان صهيل الجياد.

مستقبل وعينا متوقف على كيفية تعاملنا مع المثقفين والنخبة، سواء من صنعتهم السلطة أو “الجمهور اللي عاوز كده” أو من صنعوا ذواتهم الشيطانية المحتالة. أنهم العلق الذي يمتص دماءنا ويزور وعينا ويبيعنا بلفافة حشيش إن اقتضى الأمر. هم الطاعون الذي اجتاح مناطق شاسع من إدراكنا، ولا سبيل لشفاء الشعب منهم سوى بالإقلاع عن إدمان تفاهاتهم.

إن  جرائم المثقف الحمار المستبغل أشد وطأة على النفس وأفدح خسارة على الوعي و الخلاص الروحي.

هم القراد العالق بلحم وشحم الشعوب، ولا مناص من قلع هذه الطفيليات من على الجلد حتى ولو سال الدم منه ثمنا.

   وللمنافقين في كل مكان كالمغرب، وكل زمان كـ 2019 زبر تروى ومواعظ تقال ومنطق يحاجج به.إنهم أبالسة “الصواب السياسي” و شياطين “الواقعية”.هم أساتذة فن الإلتفاف على الحقيقة..و”صبغ الحمير” لبيعها كجياد أصيلة في أسوق النخاسة.

وهم لا يعدمون في سبيل تدجيننا وسيلة، ولا حرج حسب عقيدتهم في تدنيس المقدس أو تقديس المدنس.

وأمام لوحات السواد الصامدة أمام أنظارنا تتقافز أسئلة حارقة كالقردة على الأغصان: ما العمل مع بين بغلون وحمرون و سلالة كلبون؟

وهذا السؤال مع جوابه المفترض عندي خلاصته سؤال آخر هو: كيف نقاوم؟

وعلى سبيل الاجتهاد التطوعي لا “المأجور” أنصح قرائي المفترضين في هذا المجال العنكبوتي بما يلي:

ــ لا تكونوا عناكب فيصير بيتهم من أوهن البيوت فتدوسكم حوافر البغال.

ــ إن صادفتم بغلا فلا تمجدوه…أوقفوه عند حده ودعوه يعرف أن البغل بغل حتى لو كتبوا على هويته “بغل مستنير”.

ــ لا تنخدعوا بخطاب “المناضلين” وإن ألقوا على رؤوسكم غبار سحرهم فاتلوا عليهم قصيدة الشاعر ولد لجواد في هجاء المناضل القواد.

ــ في كل موسم حضرتموه ستجدون “الحمير كتبورد والخيل واقفة”. إن عجزتم عن إطلاق سراح الخيول فلتتركوه في سلام ولا تعمقوا إذلالها بمشاهدة الحمير وهي تصول وتجول في المضمار..تحت تصفيقات جمهور “أبي بغل مستحمراني”.

وعلى سبيل التجربة الشخصية، يسعدني أن أتقاسم معكم خلاصات حلاوة بعض الشغب المتمرد على السائد الفاسد:

ما قلت يوما لأستاذ لي إنك عظيم طمعا في نقطة..فجاءت المعدلات طبيعية على رأس قوائم زمن الدراسة.

ما قلت لرئيس عمل “جنابكم” لا كتابة ولا شفاهة طمعا في ترقية فأتتني المواقع مميزة مغرية

ـ ما تملقت لرب عمل من أجل التمسك بكرسي أو موقع زائل، بل على العكس تماما قلت لهذه “الأرباب الزائفة” ــ ومنذ البداية ــ إني لا أهرب من مسؤولية إن بحثث عني ولست مستعدا “للتحول” من أجل الحفاظ على الأجر أو المكانة. واستقالاتي موثقة بظروفها وملابساتها..ومن سترني فضح الله نسل نسله.

ـ ما قلت لرجل سلطة “سيدي” ولا أشرت لمسؤول بهذه الصفة لا قصدا ولا حتى سهوا. وعلى عكس المتوقع فإن التملق للسلطة مدعاة احتقارها لك. ادخل عليه مكتبه باحترام وعود عمودك الفقري على عدم الانحناء وسوف تقابل بالاحترام الذي تستحق.

ـ عود لسانك أن يقولها كما هي، ولا تخش البغل الذي أمامك مهما كانت صفائح حوافره ذهبية فهو ابن أتان وأبوه فرس أو ابن مهرة سلطوا عليها حمارا فاغتصبها. إن كثيرا من المتسلطين مهجنون بلا أصل، وابدا لن يهزم اللقيط ابن البلاد الأصيل.

ــ أعرف وأعي تماما أن هذه الأحرف التي أنشر تؤلم كثيرا من البغال والحمير الآدمية في مناطق “حساسة” من تركيبتها النفسية،وأنا لا أتقصد إذاية الكائنات ولكن ما حيلتي؟

“فلست منافقا

و لا أملك مواهب

ولا أحابيل الرواة

كي أناولكم المسكنات

لا غواية أتقنها

ولست جارا للزناة

أنا لا أبيع المخدرات

ولست أنوي تغيير جلدي

كي ترضى عني البهائم

ذوات ضرع

 ولا المرضعات

ولا استطيع إيهامكم

بالماء في الصحاري

ولا الشطآن بالفلوات

ولا بالركوع الكاذب

والسجود المنافق

في اليمنى

 قلم وسبحة

و باليسرى

 حشيش وقات”

تعليقات الزوار
جاري تحميل التعاليق...

شاهد أيضا

يستخدم هذا الموقع ملفات تعريف الارتباط لتحسين تجربتك. سنفترض أنك موافق على هذا ، ولكن يمكنك إلغاء الاشتراك إذا كنت ترغب في ذلك. موافقالمزيد