“حكومة أخنوش”..من الأحسن أن نقتل “المش” قبل اليوم الأول

 أحمد الجَـــلالي

بالنظر للنتائج التي حصل عليها حزب العدالة والتنمية في الانتخابات التي أعلنت نتائجها صبيحة اليوم فإن “البيجيدي” يدخل عمليا خانة “كأن لم يكن”.

وبالاستناد إلى الدستور فإن حزب” الحمامة” هو من سيقود الحكومة المقبلة بمعية تحالف جديد/قديم سيحاك من صوف الأحزاب نفسها التي جربها المغاربة لعقود طويلة.

يقال على نطاق واسع إن المغاربة “عاقبوا” الحزب “الباراإسلامي” بعدما منحوه صدارة النتائج خلال ولايتين حكوميتين متتاليتين. عاقبوه إلى حد جعلته النتائج يفقد أزيد من تسعين بالمائة من قوته العددية من حيث مقاعد البرلمان.

والحقيقة أن المغاربة يتمنون أن يعاقبوا من أساء إليهم، كما هو حال جميع الشعوب التواقة إلى إقرار سلطة حقيقية للرأي العام.

نعم، لقد شكلت السياسات الاجتماعية الهبلاء للبيجيدي  لسنوات عجاف صخرة ثقيلة على صدور المغاربة يظنون أنهم أزاحوها بعدما عاقبوها عبر الصندوق ثم دفنوها فيه لتبقى كذكرى سيئة فقط.

لكن المغاربة عاقبوا ولم يعاقبوا في الآن نفسه. كيف ذاك؟

الواقع أن قرار الكتلة المغربية الناخبة تصرفت كمن استجار من الرمضاء بالنار. فالحزب الذي منحوه أصواتهم والذي وعدهم بأنهم “يستحقون أحسن” هو نفسه المسؤول عن جزء ليس يسيرا من المآسي التي خلفتها الحصيلة الحكومية والتي كان فيها “الأحرار” شركاء حقيقيين مشرفين على قطاعات مثل الفلاحة التي تغطي العالم القروي أي نصف البلاد ويزيد، والصيد البحري، الذي صار السردين فيه على عهد أخنوش غاية صعبة المنال. إلى جانب قطاعات حيوية أخرى أشرف عليها وزراء من حزب أخنوش كالمالية والتجارة والصناعة..وزيد وزيد.

بالمحصلة، فأخنوش وحزبه ووزراؤه مسؤولون عن خراب مالطا الذي أصاب القدرة الشرائية للمغاربة خلال العقدين الأخيرين.

وعلى الصعيد الشخصي والرمزي لزعامة “الأحرار” فأخنوش نفسه سيذهب لرئاسة الحكومة ــ والاستيزار من مشتق من وزر المسؤولية لغة واصطلاحا ــ سيذهب إلى مسؤولية جديدة وثقيلة فعل من أجلها الأفاعيل أيام “البلوكاج”..وهو مثقل بوزرين تنوء بحملهما السلاسل الجبلية: ملف المحروقات والـ 17مليار درهم الشهيرة، ثم بيع الأوكسجين للمغاربة بالشيء الفلاني في زمن الوباء والبلاء والاختناق.

إنهما فضيحتان كافيتان في بلد شبه ديمقراطي حتى أن تطوح بالمسؤول عنها وراء قضبان السجون، بعد استخلاص أموال الدولة والشعب…وهما فضيحتان لا يمكن لأي شعب أن ينساهما إلا إذا كان واحدا من ثلاثة: فاقدا للذاكرة أو شعب من الملائكة أو شعبا مغربيا..أي والله مغربيا، لأن هذا الشعب هو من بوأ هذا التاجر صدارة الترتيب، وعليه بالتالي تحمل عواقب ما فعلت يده به.

أخنوش رجل واضح وقد جربه المغاربة فهو “كيدير شغالو” وعازم على تنفيذ الوعد الذي أطلقه من إيطاليا: إعادة الترابي..انتظروا ولا تبكوا أو تجزعوا.

لقد قال لك أخنوش،أيها الشعب المغربي،  “تستاهل أحسن” وأطلق وعودا غليظة لا يمكن الإيفاء بها مطلقا سيما في باب التشغيل. وغذا، لن تجدوا من تجندوا للتطبيل لحملته كي يقولوا لكم أين وكيف تبخرت الوعود، وفي أحسن الأحوال سيقال لكم إنها الانتخابات ومن طبيعة الخطاب فيها أن يتسم بالمبالغة والمزايدة..عادي عادي.

ثمة أطروحة تقول إن المخزن بيده مجموعة من الحلول وإنه لم يشأ أن يدفع بها “أيام الإسلاميين” كي لا تحسب نقاطا انتخابية لهم، وهي أطروحة تبدو نظريا ممكنة، رغم ألا دليل يسندها.

فإن سلمنا بهذا، وظهرت حلول جيدة لمعضلات مجتمعية في “أيام أخنوش وصحبه” فهي إنجازات للمخزن، و بمفهوم المخالفة، ماذا نفعل نحن بحزب وزعيم فارغي اليدين؟

تبدال الكمار…ربما.

الواقع أن السياسة  بمفهوم الخدمة العمومية، مثل كرة القدم تعتمد على المردودية والنتائج الملموسمة: لا يهمني من اللاعب وسامة وجهه ولا قسمات ملامحه، بل يعنيني كجمهور الأهداف والانتصارات والتتتويج.

وكذلكم السياسة، مرحبا بأبشع الكمامر إن حسن أداؤها وكانت بيضاء اليد، بعيدة عن الفساد، وأهلا وسهلا بأبشع الوجوه التي خلق الله إن هي كانت تمتلك حلولا جذرية لشعب ضاقت به أرض الوطن بما رحبت بفعل تراكم سياسات العبث والفساد وتسلط وتجبر الفسدة.

 نجب أن نخبر أخنوش وفريقه المقبل من الآن بالحقائق:

ــ لا تظنوا أننا نعتبركم فريقا جديدا من حقه علينا أن نعطيه فرصة، لأنكم مجربون أصلا ولسنوات..ولذا فلستم الحل..أنتم جزء من وضع سياسي مريض…وعليه، فهامش الخطأ أمامكم هذه المرة صفر..وستمشون على خد الشفرة لأن وضعية البلاد لم تعد تطيق أي هراء حكومي.

ــ سأكون شخصيا من أشرس المتصدين لكم بمجرد أن تنطقوا بالعبارة التالية: ” إننا نطبق الرؤية الملكية”. للملك رؤيته وهو يعرف كيف يطبقها، ماذا عنكم أنتم؟ لا مجال بعد للاختباء وراء الملك ولا بأي حال من الأحوال.

ــ من الآن فصاعدا، يعلم الشعب المغربي أن المبادرة الملكية بتوحيد السجل الاجتماعي ودعم التغطية الاجتماعية قضية بين الملك وشعبه ولا فضل لأي منكم فيها لا اليوم ولا غدا ولا بعد غد. ماذا أعددتم يا رجال الأعمال في لباس الساسة من مخارج لوضع مغربي خانق؟

ــ الطراطيش التي استغللتموها كوقود في الحملة الانتخابية وحتى سنوات قبلها تحت يافطة “القرب من الملك”، حتى وإن استهجناها ليس كصداقة وإنما كاستغلال، يجب أن تجعل منها يا عزيز حافزا وناقوسا لا يتوقف رنينه في أذنيك وضميرك كي تكون أداء وجدية وإخلاصا وعملا وحرصا على المال العام والسياسات العمومية الخادمة للشعب..عساك تكون في مستوى هذا “القرب” المفترض.

 ــ لم تسمح لي ظروف الوباء بلقائك وجها لوجه كي أسألك بصوت عال: كيف ستوفق بين مشاريعك الشخصية الكبيرة ومسؤولية رئيس الحكومة الذي يرأس عمليا كل القطاعات؟ بتعبير آخر: قبل التكليف بتشكيل الفريق الحكومي ماذا فعلت بتعارض المصالح..كيف تخلصت منه؟

هذا قليل من كثير سيأتي وقت مصارحتك به حسب تصرفاتك كرئيس حكومة، ولكن دعنا نتوجه إلى قبيلتنا المسماة “صحافة وإعلام”.

من حسنات الحملة الانتخابية الأخيرة أنها جعلت الجميع يمشي عاريا، أي أن الوضعية أسهمت في الفرز وجعلتنا نعرف المهن الحقيقية لكثيرين: اكتشفنا الرقاصة والطبالة والنكافة وتم تصنيفهم في القطاعات التي ينتمون إليها حقا..وصار غير ذي جدوى مجادلتهم مستقبلا..فهم لك افعل بهم ما تشاء….

أما من كانوا يستأسدون على بنكيران والعثماني بعده لأنهما من حائط قصير فقد جاء الوقت لنختبر معادنكم الحقيقية ونعلم من منكم كان يحركه النقد المهني والغيرة الحقيقية على الوطن، ومن كانت تحركه “النقود” فتشحن بطارية قلمه ولسانه بطرق أخرى لغايات مختلفة تماما.

سنرى من سيستمر في نشاطة الإعلامي و الفيسبوكي والتويتري لوجه المهنة و المبدأ والدور الوطني للصحافي وسنرى من سيلوذون بالصمت والتواطؤ تحت مبررات ستصنع وتصاغ في حينها.

سنرى من سينحاز للوطن ومن ينحاز للدريهمات، سنرى من كانت البسالة من دمه، ومن كان مدمننا لـ “ابسالة” وشطح حسب المصالح الضيقة وانتهى دوره.

لقد أبان حزب “التجمع الوطني” عن قدرة هائلة على تجميع قوى جبارة لفصائل الـ”بروباغندا” الانتخابية بفضل الإمكانات المالكية التي سهلت لهم اكتساح الفضاء الأزرق، ومن ثمة التأثير على فئات محددة من الناس، وبلا شك لن يعدم الحزب، وهو يرأس الحكومة، الحيلة لاستجلاب واستقطاب واستكتاب من يغطي الإنجازات ولا يعري العورات ومن يصنع التبريرات ويتستر عن التشوهات..ولكن رغم كل، هذا ثق تماما أنه لم يعد ببلادنا مجال إلا لـ “أغراس” على أصولها.

نتمنى لعزيز أخنوش التوفيق في تشكيل حكومة إنقاذ حقيقية، بفريق عمل بلا تشوهات ولا تنافر، وبعدد وزراء في الحد الأدنى، وبميزانيات متقشفة لا تسفح ما تبقى من دماء الميزانية العامة التي تعاني أصلا فقر الدم…وأن تعملوا…..أن تعملوا بالليل والنهار…فلا وقت بعد ليهدر…..اعملوا…….”فسيرى الله عملكم ورسوله والمؤمنون”.

هل الأمر واضح؟

الله عزل وجل ورسوله الأكرم والمؤمنون…كلهم سيرون عملكم..في هذه النيا الفانية ويوم الحشر والحساب.

هل تعون وتقدرون قيمة وشرف وخطورة المسؤولية؟

www.achawari.com

 

تعليقات الزوار
جاري تحميل التعاليق...

شاهد أيضا

يستخدم هذا الموقع ملفات تعريف الارتباط لتحسين تجربتك. سنفترض أنك موافق على هذا ، ولكن يمكنك إلغاء الاشتراك إذا كنت ترغب في ذلك. موافقالمزيد