الشوارع
مر عقد كامل أي عشر سنوات أي قرابة ثلاثة ألاف وستمائة يوم على انطلاق الربيع/الحراك المغربي الذي سمي "عشرين فبراير". لو كان ميلاد طفلا وسميناه "محمود" كان سيكون اليوم في نهاية طور التعليم الابتدائي.
خرج ملايين المغاربة في عشرات المدن المغربية وصرخوا وطالبوا وبحت حناجرهم...ثم عادوا إلى بيوتهم. جاء دستور جديد وفهم جديد وهموم جديدة وتحديات وطنية ودولية.
مات البوعزيزي ونسي. طارت أنظمة عربية وجاء الخراب محلها.
بالمغرب تغيرت الحكومة والدستور وأسماء مؤسسات، ومشاريع قوانين أصبحت قوانين، وشعارات أخذت مكان أخرى...وماذا بعد؟
من مناسبة الحراك تعيش كثيرون وخسر آخرون. من الربيع المغربي جنى من جنى الثمار وأصاب القحط السياسي والمعيشي من أصاب.
كل شيء تحرك....وبقي المغرب مغربا في الجغرافيا والتاريخ..واستجدت مستجدات جيوستراتيجية. تخلصنا من أمراض مجتمعية وبقيت أخرى وتعاظمت وظللنا نبحث جميعا عن المغرب الممكن.
قطعنا مع ممارسات وبقي ورم الفساد عصيا ينخر الوطن: كل يوم مأساة وكل شهر كارثة وكل سنة تراجع...ما الذي يشدنا إلى الأرض؟
الأزمة الاجتماعية باقية وتكبر والجمود الحكومي والتشريعي يغالب الرغبة الوطنية في التقدم ومزاحمة الكبار عن جدارة واستحقاق.
الطب هو الآخر يمرض رغم الجهود المبذولة..الملك يقاتل من أجل تكريس الحماية الاجتماعية للشعب..الناس ينتظرون أن يلمسوا شيئا بأيديهم..المواطنون يريدون أن يتغير الحال..الحال لا يريد أن يتغير..ما الذي يخلدنا إلى الأرض.
مؤامرات كثيرة ضد بلادنا أحبطت في الداخل والخارج. ماكينة الأمن شغالة. التطرف يأخذ أبعادا تتلون بلون اللحظة التاريخية.
الكل يتحدث عن المقاربة التشاركية. الواقع يتساءل: من يشارك من في ماذا؟ النمو الاقتصادي والعدالة الاجتماعية عناوين كبيرة لا تريد أن تترجم إلى مواضيع نحن من نكتب عرضها وخاتمتها بوعي وإجماع وطني.
نتوفر على كل ما يلزم لميلاد مغرب آخر أصيل وعصري، قوي وحقيقي...لكن "القابلة" تخبرنا دوما أن موعد الولادة تأجل...ولكن الوجع مستمر.
غدا ذكرى عشرين فبراير. يراهن عليها البعض كمن يراهنون على بركات أهل القبور. حالمون يريدون تحويلها إلى فرصة للثورة..يحلمون بالخراب في الداخل بوقود الغلابة ليأتوا هم على ظهر أية دبابة أجيرة ليحكموا "المغرب الجديد".
غربان الدمار ينعقون عبر أبواق نجسة مستعجلين قيام "الثورة". ونحن أيضا نريد الثورة الوطنية الحقيقية في عناوين بارزة غير منافقة:
ــ الثورة في التعليم والتطبيب والشغل..في ظل الاستقرار والهدوء
ــ نريد ثورة في تطبيق القانون بحزم وصرامة كي نختصر مسافة تجفيف بؤر الفساد..بهدوء وباستثنائنا المغربي.
ــ نريد ثورة في العقل المغربي الواعي بأهمية الاستقرار والأمن والأمان ومستعدون لأداء فاتورة التغيير من صبرنا وتضحياتنا وجوعنا وتحملنا...
ــ نريد أن نصحح كل شيء هنا والآن في الداخل مع غلق كل أبواب الفتنة أمام كل الخونة والمتآمرين والمتحفزين دوما لجر بلادنا إلى المستنقع....لن تمروا.
www.achawari.com