فن إهدار الفرص..قطاع المخابز ضحية أزمة أفكار..ثم أزمة رجال

أحمد التجاني

ونحن نمضي قدما نحو سنة 2021، هل يمكن القول وداعا للبرنامج التعاقدي الخاص بقطاع المخابز، الذي كان مفترضا توقيعه مطلع سنة 2018 ؟

على بعد سنة من نهاية مشروع برنامج دولة (الموؤود) لتصحيح وضع شاذ لأحد القطاعات المهمة بإحصائياتها والحساسة برمزيتها، يبدو أن النسخة الثالثة من هذا المشروع ستعرف نفس مصير سابقه، أما النسخة الأولى 2011_ 2015 فقد تم توقيعها في حفل مهيب، لكن للأسف دون القدرة على تفعيلها، بل أكثر من ذلك عرفت خطأ استراتيجيا لا يغتفر، بالدعوة داخل فترة البرنامج لإضراب عام من الجامعة الوطنية للمخابز، ضرب مصداقية ممثل القطاع ومدى مسؤوليته، وأصحاب المنتسبين إليه باليأس منذ ذلك اليوم، بعد أن ضاعت فرص استفادتهم تنظيميا وهيكليا لا من داخل البرنامج ولا من خارجه!

هل هو عجز القيادة عن مواكبة استراتيجية الدولة الرامية لتنظيم القطاعات وتأهيلها بعد تجميعها في هيئات بين مهنية ؟ أم أن الخلل في المنتسبين لهذا القطاع وفهمهم الخاطئ أو لنقل المتواضع لمضامين مشروع البرنامج التعاقدي الذي تهكم عليه الكثيرين منهم بتسميته” بالبرنامج التقاعدي ” ؟ أم أن الخلل في السياسة المتبعة من القيادة في حق المهنيين المنتسبين، والتي وصفت في أغلب محطاتها التوافقية بغير المطمئنة وغير المستقرة بل، غير القانونية والفارغة من أي ضمانات تفعيلية؟

لكن الخلاصة السائدة اليوم لدى جل المهنيين الذين شهدوا ويشهدون التحركات المحتشمة لحد كتابة هذه السطور، هي أن قطاع المخابز وقع ضحية أزمة أفكار .. ثم أزمة رجال…

من بين أهم المطالب الشائكة والبسيطة في الآن ذاته مقارنة بالأرقام السلبية المهولة في غيرها، التي يؤثث بها المهنيون تدخلاتهم في الخاص والعام، هناك مشكل العشوائي أو القطاع العشوائي.. كما يشرعنه كثيرون في تصريحاتهم، وينادون بمحاربته لأسباب موضوعية أكيد، لكن دون طرح توليفة مساعدة على ذلك لتعزيز موقفهم وتسهيل مسطرة التنزيل ما دام أن العشوائي فعلا أصبح قطاعا قائما بذاته خارج إطار القانون، لكنه يوفر مناصب شغل ذاتية ودخلا لشريحة اجتماعية كبيرة جدا يصعب معها اليوم التعامل بمقاربة الاجتثاث والبتر.

وما لم ينتبه له الإخوة المهنيون، الذين لم يغيروا من كلاسيكية طرحهم لهذا الإشكال، هو أن الدولة شرعت فعليا ومنذ زمن في معالجة موضوع العشوائي عبر العديد من آلياتها التكوينية والتمويلية التي تستحق الاحترام، و وفرت لهم أيضا الصفة القانونية ولو في صيغ مرحلية كالتعاونيات وبطائق المقاولة الذاتية التي توفر من الإمتيازات أكثر بكثير مما تفرضها من تحملات سواء ضريبية أو غيرها، وذلك كمرحلة انتقالية (لا تحمل صبغة الإلزامية) قد تأخذ من الوقت الإفتراضي بين 6 أشهر و 5 سنوات على أساس التحول بعدها لأحد أصناف الشركات طبعا بعد تنمية رقم المعاملات والإستئناس بتدابير التنظيم المقاولاتي في شكله المخفف.

 كل هذا جاء بعد أن دعمت الدولة الكثير من الحرف والمهن وأفكار مشاريع مختلفة في وقت سابق بالرافعة القانونية للجمعيات التي أصبحت اليوم متجاوزة.

كثير من المهنيين المنتسبين لقطاع المخابز يعلمون بتفاصيل كل ما ذكر، لكن قلة منهم من يربط هذه الإستراتيجية/التحول بواقع العشوائي المعني به قطاعنا، وبالتالي ظلوا على كلاسيكية نداءاتهم وخشبية لغة نقاشاتهم في الموضوع.

على المهنيين أن يحينوا معلوماتهم فيما يخص هذا الإشكال، و يوفقوا ويوازوا بين خطابهم، كيفية معالجتهم لموضوع العشوائي وما ترمي إليه الدولة في الأمد القريب، حتى لا نزيد من تكريس النظرة الدونية أو لنقل السلبية المسؤولين والشركاء على حد سواء لنا، وحتى لا يأتي وقت، وأهله قريب، قد ينعت بعضنا أو أغلبنا بالعشوائيين مقارنة مع من يؤهلون ذواتهم اليوم بالتكوين المستمر مع الدعم والمواكبة المركزة لمشاريعهم الصغرى.

آنذاك، قد يتخلل مشروع البرنامج التعاقدي 2022_ 2026 المخصص للقطاع تحولات وتغييرات مواكبة لهذه الفئة، أكيد لن تروق لمن ينعتون أنفسهم اليوم بمناضلي القطاع وحيتانه الكبيرة، بل الحقيقة أن البرنامج التعاقدي شق طريقه بهذه الصيغة مع هذه الفئة المتحمسة ( وراسها صغير )  بعيدا عنكم إلى أن يحين وقت الرشد لديكم لتدركوا الفرص الضائعة.

www.achawari.com

 

 

 

 

تعليقات الزوار
جاري تحميل التعاليق...

شاهد أيضا

يستخدم هذا الموقع ملفات تعريف الارتباط لتحسين تجربتك. سنفترض أنك موافق على هذا ، ولكن يمكنك إلغاء الاشتراك إذا كنت ترغب في ذلك. موافقالمزيد