أعلن مقاطعتي لاستبدال الشعر بالشعير وعدائي لفصيلة الساسة الحمير

أحمـــد الجـــلالي

 بينما يرزح ملايين المغاربة تحت وطأة الحجر الصحي الذي يصادف صيام رمضان، وبالتالي ازدياد ضغط الحياة المقرونة بفقدان الشغل والقدرة على الحركة، ليس من متنفس باق لأغلبنا سوى الإنترنت ومنصاته التي تنجدنا من الاختناق.

ولقد برزت لهذه الجائحة أيضا حسنات ليس أقلها تعرية نقائصنا واختلالات بلادنا وبروز النموذج التنموي الحقيقي الذي إما أن نطبقه بعد الوباء أو فإن الصعود إلى الهاوية هو النتيجة.

لكن في ظروف المحنة تختبر الشعوب والأمم وقادتها لإخراج أحسن ما لديهم: وهنا، لا يخفى أن الشعب المغربي اعتصر أحسن ما فيه من صبر وقدرة على التكيف والتكاثف ـ رغم سلوكات متفرقة غير مشرفة ــ  كما شمرت الدولة على سواعد الجد والتفاني، رغم نقائص هنا وهناك.

ولعل من بين المكاسب التي أفرحتنا هو عودة الإجماع الوطني أكثر قوة: الرغبة في تجاوز الأزمة والاستعداد لمستقبل بفساد أقل ومفسدين تحت مقصلة القانون، وأكفاء نزهاء على منصات التشريف وأوسمة التقدير على صدورهم.

ومثلما للنجاح أعدا كثر، فإن للانفراج خصوما لا يقلون عنهم عددا وعدة، من عشاق الغيوم والمياه العكرة وكل ما هو رمادي أسود دامس مغبر معفر المحيا، أي تلك البيئة التي ينتعشون فيها والوسط المناسب لتفريخهم وتوالدهم وتعشيشهم،مثل كل الجراثيم الفتاكة.

ولأن الأسئلة الحقيقية طرحت بصوت الحال المجلجل ولم يبق بالجبة غير المعقول والصدق والإبداع فإن رهط “ازبيلات” وجدت نفسها كقط سرق اللحم حوصر في زاوية شديدة ولا مخرج له قبل دفع فاتورة خيانته كاملة من جلده.

أش نديروا..ما نديروا؟ اجتمعوا وتدارسوا وتدبروا ثم قرروا الرجوع إلى الوصفة القديمة “البلدية” أو “صنع بالمغرب فقط”: نديروا ليهم قانون جديد ولي دوا يرعف واش غيخرج منهم كاااع؟ غادين يغوتوا ومن بعد يسكتوا ويولفوا وها حنا تهنينا..نبيعوا سلعتنا ولي انتقد نطبقوا عليه القانون وسيكون بالنص مواطن من نوع “الله يخليها سلعة” يستحق الحبس ولخطية.

وكأنهم عثروا على العلاج الأمثل لأمراض الفقر والتخلف واللامساواة التي تنخر المغاربة، أو لكأنهم اكتشفوا الحل السحري لكل الأسئلة المتراكمة عبر عقود من التسيب واغتصاب المال العام والهدر الزمني لعمر أمة.

ولعمري، ليس هناك حكومة تشبه حكومتنا في تفكك مفاصل جسمها ولا في هوان أدائها ولا في تيه بصرها وزيغ رؤيتها:هذا يسرب وذاك يشجب، هذا يصفي حسابات داخلية والآخر يلوم توقيت التسريب ولا يرى ضررا في مضمون النص الكارثي.

ولعمر عمري، ليس في العالم نظير لزعمائنا الحزبيين الأماجد: أحدهم يعترض على الطرف  الذي سرب فيه مشروع القانون البغيض ولا مشكلة لديه نهائيا مع القانون نفسه الذي سيجعلنا أضحوكة أمام العالم.

 وتمة وجوه حزبية منافقة من آل تبع والمؤتفكات يلومون من سرب ما سرب ولا لوم يقع منهم على من صاغه أو دبجه أو سوده..وكل ما يملك هؤلاء هو أن يقدموا الدليل العلمي لمن يريد أن يصبح في المغرب “أزبيلة بين يوم وليلة”،  فهم أساتذة كبار في تحويل القرد إلى “بشار” والليل إلى نهار و العالم الفذ إلى مجرد عطار.

خير ما يمكن أن يقوم به اصحاب “الزبلة الجارية” هو لملمتها من على وجه مائدة الشعب المغربي الصائم رهن الحجر ورهن الترقب ومسح بقايا بالأوراق التي كتبت عليها مسودتهم أما تعقيم المكان فقادر عليه عقلاء الوطن الذين عودونا على حسم الأمور الخطر في اللحظة الأخيرة في كل منعرج تتمايل فيه سفينة البلاد فيخاف العباد.

إن مثل هذه التصرفات في هكذا ظروف تجعلنا نطرح جانبا أي التماس للعذر أو إعمال لحسن النية، بل على العكس تماما، ولعله حال كثيرين، ينمو فينا أكثر حس الشك وتفعيل نطرية المؤامرة.

كيف ذلك؟

إن من حاول تمرير هذا القانون البشع في هذا الظرف الوبائي لا يمكن أن يكون إلا ثاني اثنين: أحمق أخرق لا يدري ماذا يصنع أو عاقل ماكر يريد أن يزيد للطنجرة ضغطا على ضغط كي يعجل بانفجارها وانفراط مكوناتها.

أن التنصيص على تجريم الدعوة لمقاطعة سلع ما لهو تسليع للسياسة وللمواطن وللبرلمان وللإنسان وللأحزاب ولكل شيء..رحم الله المستشار الملكي الراحل عبد الهادي بوطالب صاحب كتاب “العالم ليس سلعة”.

إن الخوف من المقاطعة الذي صار عقدة لدى لوبيات محددة يستلزم إخضاعهم لعلاج نفسي وإعادة تأهيل في مجال الاقتصاد والاستثمار المغربي العاقل، بدل إخضاع شعب بأكمله إلى قوانين قراقوش العصر الحديث.

إن من حاول تمرير قانون اللاقانون ــ لأنه يناقض دستور البلاد في الصميم ـ لهو عدو ذو وجه مكشوف للحمة الوطنية ولحاضر المغرب ومستقبله.

أيتها الكائنات القادمة من كهوف الماضي عبر نصوص تفضح رغباتك في فرملة كل انطلاق نحو المستقبل، اعلمي أن مكانك هو الماضي فقط، ولا موطئ قدم من نصيبك في مغرب اليوم ومغرب الغد.

لا جدال.

www.achawari.com

 

 

تعليقات الزوار
جاري تحميل التعاليق...

شاهد أيضا

يستخدم هذا الموقع ملفات تعريف الارتباط لتحسين تجربتك. سنفترض أنك موافق على هذا ، ولكن يمكنك إلغاء الاشتراك إذا كنت ترغب في ذلك. موافقالمزيد