حجر كورونا كشف غطاء غشاواتنا كلها..واش حنا هوما حنا؟

عبد المولى الزاوي

ونحن نعيش تجربة الحجر الصحي، أملا في التغلب على الفيروس اللعين، الذي لم يميز في اجتياحه للعالم بين الشمال والجنوب، أو الغرب والشرق، لابد أن الكثيرين وقفوا على حسنات هذا “الحجر” على مستوى الأسرة ثم الوطن ككل.

لقد حدث نوع من التصالح “القسري” مع الذات، بعد أن تكسر في أذهاننا ما اعتقدنا عن خطأ، أنه ناموس الحياة، فدبت الحياة من جديد في شرايين الأسرة، بعد طول تآكل ونسيان، وغطت رائحة التوابل من جديد، مطابخ الجيران،التي كادت تستسلم لهجمة  المأكولات السريعة “موضة” العصر.

مع الحجر استيقظ شعورنا القومي، مثل ما حدث للدول جميعها، فطرحنا على أنفسنا مجددا أسئلة الاعتماد على النفس، والاستقلال التام عن الغير، وماهية القوة لدى هذا الغير، الذي لا يعدو أن يكون نمرا من ورق تعرى تحت أمطار غزيرة وبرق كشاف، في ليل بهيم بغابة تساقطت أوراق أشجارها بغتة.

شعرنا جميعا بالفخر لما أعلن فتية مغاربة عن تمكنهم من صنع آلات التنفس الصناعي، التي أضحت في ظل هذه الجائحة، أهم من الطائرات والدبابات، فيما أعلن مسؤولونا أن العديد من البلاد الأوربية طلبت من المغرب الحصول على “الكمامات”،  وفي هذا وغير هذا، ازداد منسوب الثقة بالنفس لدى المواطن المغربي، الذي قبل شهر من الآن، لم يكن يعتقد نهائيا ما يعتقده الآن، فالثقة بالنفس والتفاؤل بالخير معديان، ويا لنعم العدوى.

مع الجائحة التي لم تخمد بعد، استيقظ حس التضامن بين الجميع، فتسارع القوم، كل حسب قدرته، إلى التوقيع باسمه في الصندوق المخصص للوباء،  مؤمنين بأن اجتماع السواعد يبني الوطن، واجتماع القلوب يخفف المحن.

لقد قيل إن أحسن وسيلة للتغلب على المخاطر هي اقتحامها، وها نحن سواء كنا مجبرين أو مخيرين قد فعلنا، معتمدين، بعد الله، على سواعدنا، مؤسسين لاستقلال جديد وفعلي، والأمل كل الأمل، تكريس هذه الحرية والاستقلال، لأن التجربة تؤكد أن الحرية ما أن تتأصل جذورها، فإنها تسرع في النمو والانتشار.

ما أحلى اقتحام العقبات في ملحمة وطنية متجددة قوامها العمل والحماسة والتحدي..قيم بتنا بحاجة إليها اليوم أكثر من أي زمن مضى,

قد نصل متأخرين لأهداف بات الجميع يراها بعين الحقيقة، لكن شعور الرضى يملأ القلوب، بعد أن زالت “الغشاوة” وتأكدنا بالملموس أن ما ينفع الناس هو الذي يبقى بالأرض، وأما الزبد فيذهب جفاء…

بتنا كالسلاحف أكثر خبرة بالطرق من الأرانب، وأضحى التعليم والصحة مع الأمن والنظافة، العناوين الكبرى لاهتمامات المواطن، الذي ينتظر ترجمتها في قادم السياسات وقادم قوانين المالية، بعيدا عمن سولت له نفسه يوما ما، جسارة القول أنه آن الأوان لترفع الدولة يدها عن التعليم والصحة..

لا عيب إذن في التوسيع من “قشابة” الحجر الصحي، للعيش حجرا سياسيا واقتصاديا واجتماعيا، ننطلق بعده بخطى واثقة نحو أهداف مرسومة بدقة، بطلها الأول والأخير هو الإنسان ولا شيء غير الإنسان.

ومع الغيوان يتجدد السؤال: علاش لحروب؟ علاش الطغيان؟..احنا خاوة احنا خوت حنا جيران..يا بني الإنسان.

www.achawari.com

 

 

تعليقات الزوار
جاري تحميل التعاليق...

شاهد أيضا

يستخدم هذا الموقع ملفات تعريف الارتباط لتحسين تجربتك. سنفترض أنك موافق على هذا ، ولكن يمكنك إلغاء الاشتراك إذا كنت ترغب في ذلك. موافقالمزيد