منطقة الغرب لوحدها قادرة على تغذية مغرب ما بعد كورونا

سعيد لحليوي

نتحدث هنا عن منطقة غنية من مغربنا نسيتها السياسات والبرامج التنموية العمومية من التأهيل الذي تحتاجه اليوم قبل الغد، بحيث ظلت مساحاتها الفلاحية في أغلبها تحت رحمة السماء لعقود طويلة. إنها جهة الغرب.

هذا الجزء الجغرافي من المملكة، الممتد من إقليم القنيطرة عاصمة الغرب الفلاحية ، وإلى حدود المجال الترابي لإقليم سيدي قاسم وإقليم سيدي سليمان.

هذه المنطقة الغنية بزراعتها التقليدية التي أغنت أسواق المغرب بمنتوجاتها المتنوعة من الحبوب كالقمح والشعير والدرة، وزريعة وزريعة الكتان وعباد الشمس كمادة زيتية ، بالإضافة  إلى حقولها من الأرز التي يقف معمل التكرير ” سكاري” بسيدي علال التازي شاهدا عليها.  

إنها المنطقة التي كتب إسمها على أكياس الدقيق الذي غدى جميع مطاحن المغرب ، بالإضافة إلى المنتجات  العصرية التي نذكر منها  الموز، أفوكا، والتوت والبطيخ والمانكا ….والمنتشرة بمناطق مولاي بوسلهام وسيدي محمد لحمر جماعة بنمنصور

 الغنية بمنتجاتها الغذائية، من خضراوات مثل الفلفل والبطاطيس والجزر واللوبيا ، والغنية بثرواتها المائية وبطبيعة تربتها  المتنوعة المعطاء ، وبسواعد أبنائها العاملة والمكدة والمقاومة لكل الظروف، المشتغلة والمنتجة في الملكيات الخاصة  أو بالضيعات.   

منذ بداية القرن الماضي، أسالت المنطقة لعاب الفرنسيين والإسبان على السواء، حيث استوطنوا وشيدوا بها ضيعات شاسعة، وأصلحوا وجففوا مرجاتها وأنشأوا  بها الطرقات والمسالك لفائدة مصالحهم الخاصة، فحولوا أصحاب الأرض بالتدريج إلى عبيد يعملون في الحقول مقابل لقمة العيش دون أي مقابل، كوسائل إنتاج بتعبير كارل ماركس.

ورغم كل  الاكراهات الإمبريالية بشتى تسمياتها، فقد تحولت منطقة الغرب أثناء هذه الفترة من منطقة جغرافية غير منتجة إلى أرض معطاء بفعل تغيير  مجالها إلى مشاريع إنتاجية حقيقية ، ونقطة تصدير و مورد دخل للعديد من العمال والفلاحين.

و مع بداية  الاستقلال، صارت جزءا مما يسمى بالأراضي المسترجعة لفائدة الدولة، والباقي منحت إلى الفلاحين في إطار التوزيع.

و بعد خمسين عاما من “الاستقلال” وحتى الان ، وبعد  فشل تجربة  التحديث  الزراعي بالمغرب و دخول عهد خوصصة القطاعات الانتاجية ، تحولت ملكيات للدولة من هذه الأرض، ونقصد هنا ضيعات “صوجيطا وصوديا ” إلى الخواص.

وفي هذه التجربة ورغم كل الاختلالات التي لحقتها برهنت المنطقة على قدرتها على إنتاج الليمون والقمح اللين والصلب والشمندر والقصب السكري، مع معمل التكرير الشاهق بسيدي علال التازي ، وزريعة الكتان والفول وعباد الشمس والقطن،   التي كانت تشكل جسرا بريا لأسطول من شاحنات القمح والليمون الذي اقتات منه العالم عبر  ميناء القنيطرة.

كل ما ذكرناه طاله النسيان وجاء وقت تدارك الموقف، ومن هنا نهيب بالمسؤلين على القطاع  أن يعجلوا بالتالي:

ــ ينبغي التركيز خلال العقود المقبلة وإنطلاقا من اليوم على القطاع الفلاحي ليصير  بذلك المحرك الرئيسي للتنمية السوسيو-اقتصادية على الصعيد الوطني بناتج داخلي محلي  نتيجة الإكراهات المرتبطة بالصعوبات الاقتصادية و الاجتماعية  والمناخية والأمراض الوبائية التي تحاصرنا اليوم والهيمنة الغربية القادمة لامحالة في ظل وتقلبات السوق الخارجية.  

ــ تقييم وتدبير المخاطر وانعكاساتها البيئية والاجتماعية، وحماية التنوع الطبيعي

ــ إعادة النظر في التعامل الفعال مع التغير السياسات العالمية المقبلة بعد هذا المفصل التاريخي اليوم والذي سيكون له ما بعده حتما.  

ــ الرفع من حجم  الاستثمارات المساعدة في الدفع بالاقتصاد  المحلي عموما، وتحسين دخل الفلاحين بالخصوص لأنهم الركيزة الأساسية في نمو الناتج المحلي والوطني.

ــ تمكين المنطقة  من المؤهلات التقنية والإرشادات والتوجيهات العلمية التي تتوفر عليها بهدف تطوير مجالات البحث المتجددة، والتكوين والتحسيس والتأطير لتحقيق الأهداف الأممية  17 للتنمية المستدامة في أفق سنة 2030

ــ تأسيس معاهد البحث الزراعي وإعادة النظر في تخصصات ودور جامعة ابن طفيل بما يتماشى مع تحديات مغرب ما بعد وباء كورونا.

www.achawari.com

تعليقات الزوار
جاري تحميل التعاليق...

شاهد أيضا

يستخدم هذا الموقع ملفات تعريف الارتباط لتحسين تجربتك. سنفترض أنك موافق على هذا ، ولكن يمكنك إلغاء الاشتراك إذا كنت ترغب في ذلك. موافقالمزيد