الدولة/ الأم في المغرب..وكيف يمكن أن تصعد أسهم شعبيتها إلى عنان السماء

أحمد الجـــلالي

في لقطة لن ينساها متابعو الدراما التركية وهم بعشرات الملايين، تقول المدعية ليلى في مسلسل وادي الذئاب لزازا، تلك الشخصية الطريفة الظريفة ما معناه طول عمرك جربت الدولة الأب وحان الوقت لتجرب الدولة الأم.

زازا يقول لها وقد تغيرت نبرة صوته: طريقة حكيك فيها عطف وحنان..معناتو فيه عفو..فيه حنان..ثم يمر للحديث بالشيفرة.

هذا المشهد ينطبق تماما على المغرب شعبا ودولة في هذه الأيام العصيبة التي نتمى صادقين أن تمر على كافة البشرية بردا وسلاما، وبأقل الأضرار.

رب ضارة نافعة..نعم. هو فيروس مرعب ومدمر للحياة والاقتصاد والحياة الاجتماعية، لكنه كشاف فضاح ومفتن للمعادن كلها كي يميز الأصيل من المزيف.

من باب النفاق القول إن كل المغاربة كانوا راضين عن الدولة في شخص مؤسساتها الإدارية. كانت وماتزال هناك دوما شكوى وتذمر، بل إنه حتى ملك البلاد في خطاب رسمي اشتكى من الإدارة ولام وانتقد ووجه بلغة لا تأويل فيها ولا غبار عليها.

اليوم دقت ساعة الامتحان الشامل للشعب والسلطات. ومن سمات هذا الاختبار العسير أنه أتانا بغتة دون سابق تحضير: مؤسسات طبية خراب على خراب، ولوجستيك طبي مهترئ وكوادر قليلة ومختبرات شحيحة وبنية استقبال هزيلة.

لكن لابد من مواجهة الأمر بما بين ايدينا جميعا. وبمقاييس وضعنا البئيس فإن ما تحقق الآن يعد معجزة، برغم الارتباك والعمل تحت الضغط الرهيب.

وبين ليلة وضحاها كانت قوى الأمن تخترق أضيق الأزقة الخطر في سلا مثلا حيث كان يعربد عتاة المجرمين، وتفرض الأمر الواقع: الحجر الصحي بحذافيره.

وفي هذا المناخ الاستثنائي بقدر ما سجلت انفلاتات سطعت نجوم مضيئة لرجال ونساء السلطة في تعاملها ولغة خطابها وأريحية قلوبها. علينا تغليب النور على الظلام وأن نلتمس العذر لمن أخطأ، فالوطن بحاجة للجميع.

المؤسف في هذا السياق أن الطيف الحزبي والمجتمعي اختفى وافتضح عجزه وكشفت صورته الماسخة وقفز إلى اللسان سؤال حارق: كم استنزفتم من الملايير يا هؤلاء باسم تأطير المجتمع؟

لكن الدولة ملأت الفراغ بسرعة ولملمت أجزاء هيكلها القوي لتشتغل بكفاءة وتحسن من أدائها وتمسك الأمور بيدها وتحول دون أي انفلات. هل علينا أن نصفق فقط؟ نعم نصفق وننتقد ثم نقوم الاختلالات ونواصل الطريق.

لنعد إلى مقدمة المقال: لقد حان دور الدولة الأم العطوف على أبنائها الحانية على أسرتها وصغارها في كل الشدائد.

وبما أننا نتحدث عن الدولة/ الأم فهناك ذكاء مؤسساتي إلى جانب ذكاء عاطفي وجب تشغيل فعالياته، ويقينا لو قامت الدولة ببضعة إجراءات هذه الأيام فسوف تربح الكثير وستصعد أسهم الملكية تحديدا، ومعها مؤسسات نواة الدولة الصلبة إلى عنان السماء، أكثر مما هي مرتفعة اليوم.

هي خطوات  قليلة وتتطلب فقط قرارا سياسيا في التالي:

ــــ  مساعدات مباشرة للفقراء والمحتاجين في المدن والبوادي في هذه الظروف الصعبة،

ــــ إجبار مكتب الماء والكهرباء على تعليق فواتيره المرهقة إلى أجل غير مسمى في هذه الظروف الصعبة،

ــــ إجبار شركات المحروقات على تخفيض ثمن المازوط وليصانص الذي نزلت أسعاره في العالم كله إلا عندنا، وفي هذه الظروف الصعبة،

ــــ عفو شامل عن سجناء أحداث الريف وغيرها والصحافيين وبعض النشطاء تحت شعار لا يبلى “إن الوطن غفور رحيم”…في الظروف الصعبة وغير الصعبة،

 هذا رأينا النابع من قناعاتنا الوطنية الراسخة..ننتقد ونغضب لكن البوصلة لا تضيع…. والأمل باق.

www.achawari.com

 

 

 

 

 

 

 

تعليقات الزوار
جاري تحميل التعاليق...

شاهد أيضا

يستخدم هذا الموقع ملفات تعريف الارتباط لتحسين تجربتك. سنفترض أنك موافق على هذا ، ولكن يمكنك إلغاء الاشتراك إذا كنت ترغب في ذلك. موافقالمزيد