انفراد..كشف قائمة أمراض أخطر من كورونا تطحن المغاربة

أحــمد الجــلالي

منذ أن انتقل الإنسان من الطبيعة إلى مرحلة الحضارة والثقافة والتقنية كان من بين همومه أن يطوع الأرض وباقي كائناتها لصالحه، بل وصل طموحه إلى “قهر” الطبيعة تماما.

لكن الطبيعة بتعقيداتها وثراها وكنوزها تخفي عن الإنسان دوما مفاجآت وتحديات بقدر ما تدفعه إلى مزيد بحث وتنقيب تجعل بني البشر أيضا يدركون عظمتهم ككائن متفرد ومتحد  لكنه قاصر أمام قوى ضخمة بالكون ومقهور بالقدر ذاته أمام كائنات لا ترى بالعين المجردة.

و”كورونا” هذا الوباء الذي جعل ملايير سكان الكوكب المحظوظ في حيرة غير مسبوقة يذكرنا بوحدة الإنسان في النهاية وتكاثفه، خصوصا في وقت المآسي الجماعية.

وفي المغرب، جماعتنا السكانية والمواطنة، لا يصعب أن ندرك هذه الأيام ــ رغم محدودية انتشار الآفة ــ كيف توحد الرأي العام في المدن والقرى والمداشر حول الاهتمام بأخبار الوباء، مثلما تجندت مصالح الصحة وقفة رجل واحد لمواجهة كافة الاحتمالات.

المغرب، على غرار كل الأمم، يمر بفترات نزول وصعود للحس الوطني الجماعي. الملهاة قد تفرقن لكن المأساة حتما ترص الصفوف.

لنغتنم مناخ الشعور الجماعي  بالخطر الداهم، وبالتالي الحرص على حماية ذاتنا المغربية، لنذكر أنفسنا وإياكم بأخطار “وكورونات” أخرى صمتنا عنها طويلا أو خشينا الحديث عنها أو لربما تعايشنا معها أو لعلنا يئسنا من القضاء عليها، فطبعنا معها تطبيعا لا يليق بمواطني القرن 21.

ــ كورونا الفساد المؤسساتي: هو الداء العضال الذي ما لبث يقوي مناعته ضد كل محاولات الإصلاح، إنه قديم ومستجد يا سادة، يتلون في كل موسم لينخر الجسم المغربي نخرا يوشك أن يوقعه بضربة قاضية.

ــ كورونا اللامبالاة: يبدو المغاربة مستسلمين تماما أمام ظواهر تبدو صغيرة لكنها الجزء الذي تتشكل منه الصورة والموقف العامين. فمن لا يغيث فتاة تتعرض للعنف بالشارع نهارا جهارا لا تعول عليه في أية معركة أو قضية.

ــ كورونا الكائنات السياسوية: هذه المخلوقات، شقيقة البعوض، ألفت الاقتيات من دمائنا وأحلامنا كل موسم وفي كل فرصة. انتهازيون بسحر لا ندري كيف ينطلي علينا دوما ويعطي مفعوله لهم، ثم يكملون الدورة المصلحية ويعودون إلى السيناريو العريان نفسه..وتستمر اللعبة.

ــ كورونا تجار الموت: هم تجار كل بلاوي المخدرات ومن يهربها لهم ومن يسندهم ومن يغطي عليهم ومن يقدم لهم العون أو يكون شريكا لهم…هؤلاء كم يقتلون من بناتنا وأبنائنا مقارنة بكورونا العالم كله؟

ــ كورونا الإثراء الحرام: إنهم الطرف الصخري العصي في جسم الفساد، يملكون يدا في كل مكان وأصبعا في كل منعطف تاريخي أو تشريعي فيقلبون الطاولة لصالحهم. عدوهم التاريخي سؤال بسيط: من أين لكم هذا وذاك؟

ــ كورونا منطق الأغلبية: بهذه الشعوذة تمرر قرارات وبائية ويرهن مستقبل أمة قرونا أخرى، كله باسم الديمقراطية والتصويت العددي. عن طريقها يلتفون على إرادة الجماهير شعبيا وحزبيا وتنظيميا فيفرزون “النخبة الوبائية” التي تفشت في كل التنظيمات واحتلت صدارة المشهد برمته.

ــ كورونا الخمر وحوادث السير: لأن الخمر يستهلك بآلاف الأطنان، ولأنه سوف يستهلك أكثر لأنه يصنع ويباع لـ”الأجانب” فقط..فقتلانا بسبب عاملي السرعة والسكر سيتضاعفون ولن تفيد في الأمر لجنة وطنية للوقاية من حوادث السير…

ــ كورونا فقدان الثقة: ولأن الفساد يتجدر بين ظهرانينا منتصرا معززا مكرما فالناس يئسوا من كل خطابات الدولة، وحتى إن بدوا في كامل الإصغاء والاهتمام فسرعان ما تسمع تعابيرهم عن واقع بلا مساحيق: مكاينش مع من..كلام وصافي..شكون غيطبك؟..ولأننا وصلنا إلى هذا السقف من الشك فلا مجال لأي نموذج تنموي مهما تعددت لقاءات الاستماع والاجتماع.

ــ كورونا النخبة الجبانة: في كل مرة يكون المغرب كله أمام فرصة لكسب رهان تاريخي تخرج وجوه النحس لتقوم بدور الالتفاف القذر على الحاضر والمستقبل..وبمهارة الأبالسة يميعون كل شيء ويضعون أحلام وطموحات الناس كراسي وثيرة وأرصدة تحت مؤخراتهم العفنة.

ــ كورونا عدم المحاسبة: رغم الكلام المتكرر عن الموضوع وعلى أنف مقتضيات الدستور، يظل الحال على ما هو عليه:من أكل الكتف فاز بالكتف، ولا سبيل لإخراج المسروق من بطن السارق..ولسنا نتوفر على طبيب جراح بعد بمقدوره تشريح كل أكياس الفاسدين لاسترجاع كنوز مالنا العام الممتزجة ببرازهم الوبائي المترجم إلى أرصدة ومشاريع في الداخل النائم والخارج الناعم.

www.achawari.com

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

تعليقات الزوار
جاري تحميل التعاليق...

شاهد أيضا

يستخدم هذا الموقع ملفات تعريف الارتباط لتحسين تجربتك. سنفترض أنك موافق على هذا ، ولكن يمكنك إلغاء الاشتراك إذا كنت ترغب في ذلك. موافقالمزيد