إلى طابور المتصهينين و”السيسيين” و”المنشاريين” و”الزعبوطيين” في مغرب الأحرار

أحمـــد الجـــلالي

كنت أعتقد إلى حدود مسيرة أمس بالرباط ضد صفقة العار والشنار، أن حرب المغاربة الوطنيين الأحرار هي مع التخلف والتصدي للمؤامرات ضد البلاد والمقدسات والعباد، وأن الصراع الجوهري هو مع بقايا اللفيف الأجنبي من أذناب الاستعمار الفرنسي للمغرب، قبل أن أكتشف أن فرنسا أصبحت تعاني “التضييق” من قبل طابور يمثل أطرافا خارجية أخرى.

بعد انتهاء المسيرة المساندة للحق الفلسطيني، خرجت كائنات من جحور عفنة لتعلن ولاءها للدكتاتور السيسي وابن زعبوط وأبي منشار، معبرين عن حنق غريب ضد رفع صور هؤلاء في مسيرة الرباط،تحت يافطة الخوف على مصالح المغرب وعلاقاته “المتينة”.

يدافعون عنهك وكأنهم رموز لواحة الحرية والديمقراطية وحقوق الإنسان، ينافحون عنهم وكأن صفقة القرن لم تصنع في مطابخهم وبالتواطؤ معهم، وكأن لقاءاتهم السرية والعلنية مع قادة الكيان الغاصب سر لا يعرفه إلا الراسخون في النفاق والتصهين.

فمن حسنات المآسي أنها محك يكشف ما تحت الأغطية حيث تعشش الميكروبات. لقد كانت صفقة القرن المزعومة محطة للفرز الرسمي والشعبي، فتبين أن ثمة صخرتين صلدتين وجب تفتيتهما، وهما المغرب والأردن.

لقد وصل الخزي إلى حد التآمر على الحكم الهاشمي من داخل البيت الملكي بالأردن، وقبل فترة خرجت الفضيحة إلى العلن واعتذر للملك عبد الله الثاني من اعتذروا.

وفي المغرب يجربون بالونات الاختبار، عسى ولعل أن تنجح مخططاتهم الشيطانية: كل ما حصل من حراكات ليست مرفوضة في شقها الاجتماعي، وغير بريئة في شقها السياسي التآمري. غير طبيعي بالمرة هذا التوالي المحكوم على إشغال المغرب وإشغال شعبه عن قضاياه الحقيقية.

إنهم يعرفون يقينا قوة  النظام في المغرب، ويدركون عمق جذوره في الأرض والتاريخ، ولذلك يحاولون خلخلة الثوابت مثل طبيب أسنان قبل اقتلاع ضرس ثابت في الفك.

أحد أطناب خيمة المغرب هو البعد الديني للنظام السياسي القائم على البيعة وإمارة المؤمنين ووحدة المذهب ووحدة اللغة الرسمية والدارجة، أي شعب يعيش في بلاد تتمتع بشرعية النظام الحاكم ببعده الروحي، فالمغرب الأقصى ليس إمارة أو مشيخة بل استثناء في الماضي والحاضر.

لكنهم لا يريدون استمرار هذا الاستثناء في المستقبل، ولكي تمر صفقة العار وتتم هندسة المنطقة كلها وقف الحلم الصهيوني لابد من هدم هذه العقبة. هذه ليست افتراضات ولا هي أضغاث أحلام بل مخططات تفتيتية.

ولمن ينعمون بذاكرة الدجاج فشطحات مراهقي الرياض عبر قناتهم العبرية، وسيسي مصر ومشاكساتهم الرعناء لوحدتنا الترابية طرية ماتزال في الأذهان.

ولهذا، لا يمكن أن نسمي المتباكين على رفع صور سالفي الذكر سوى بجنين الطابور الصهيوخليجي الآخذ في التشكل ببلادنا. ولقد طالعت مرة تقريرا مطولا لموقع مغربي عن زيارة ولي عهد الإمارات لكوريا الجنوبية ففركت عيني للتأكد من أن الموقع مغربي حقا أم أني أخطأت النقر على العنوان.

ومما كشفته صفقة الخزي أيضا هذا الربط الأخرق لقضية صحرائنا بالقضية الفلسطينية حين دعا داعون إلى الكف عن التصرف بفلسطينية أكثر من أهل فلسطين، وذهب آخرون بكل صفاقة ووقاحة لم تكن يوما في المغاربة إلى فتح سفارة لبني صهيون بالرباط، والأمر الدعوة إلى مقايضة الحق بالباطل: الصحراء مقابل التطبيع.

ورغم أن هذه الكائنات ليس لها قلب كي يكون لها عقل نحاججها به، فمن الضروري طرح التالي:

ــ لن نكون فلسطينيين أكثر من الفلسطينيين..حاضر..فلم أنتم متصهينون أكثر من الصهاينة أنفسهم؟ لا جواب

ــ الصحراء قضيتنا الوطنية الأولى..صحيح…لكم من قال العكس، فلم ترفضون وتغتاضون أن يكون للمغاربة قضية “ثانية” اسمها فلسطين..

ــ غيرتكم المفاجئة هذه عن الصحراء المغربية تقتضي أن مساندة فلسطين تضر بها..والموضوعان لا يتعارضان أصلا.

ــ الجانب الفلسطيني الرسمي رفض الصفقة جملة وتفصيلا والمغرب الرسمي يقول دائما نحن مع ما يراه الرئيس عباس، وأبو مازن رفض بشدة والرباط مع موقفه، فمن أنتم حتى تريدون قلب المعادلة؟

ــ تقولون إن الكيان الإسرائيلي سيضغط على ترامب وأبو إيفانكا سيساندنا في وحدتنا الترابية..ياك؟ طيب، متى ساندت أمريكا حق الشعوب وهي عدوة الشعوب ومدمرة الحضارات؟ ولم لا تساند حق الشعب الفلسطيني؟؟؟

إن إقحام المغرب في هذه المتاهة الهدف منها ضرب مصداقية لجنة القدس ورئيسها، وقد تأسست هذه اللجنة أصلا ــ يا عشاق الصهاينة ــ من أجل الكفاح ضد تهويد القدس فبماذا تهرطقون؟

 إن هذه الشرذمة تبحث عن أصغر ثغرة لتبني عليها أوهامها وحججها الواهية، ومن ذلك أن يواجهوك بقضية اليهود المغاربة، بمن فيهم من صاروا ضمن شعب فلسطين المحتلة بالنار والدم والقهر.

ولكي نكون واضحين، فحق اليهودي المغربي في أرضه ووطنه لا يختلف في شيء عن حق المسلم وغير المؤمن حتى، فالدين لله والوطن/المغرب لنا جميعا. هذه ليست قضية، إنما مربط الفرس يكمن في الذريعة والقناع اللذين يتخفون وراءهما.

إنهم يريدون بناء جسر تطبيعي من أجل تحقيق حلم الاختراق الصهيوني العلني للبلاد والعباد، بيد أن هذا الجسر يتعرض للنسف من قبل ثقافة شعب مبنية فطريا على التعاطف مع المظلوم والوقوف ضد الظالم القاتل السفاح مثل نتنياهو وشارون وبيريز… وغيرهم حتى من ذوي الأصول المغربية ممن تجندوا وسفكوا الدماء فهم قتلة ارهابيون ومجرمو حرب لا أهلا ولا جهلا بهم بيننا.

هذا هو صوت الإنسان المغربي الطبيعي غير الخاضع للتدوير ولا للتجهيل أو للبول في عقله من قبل أبواق الصهيونية.

سيقول قائل إن السياسة تبنى على المصالح وهذا كلام عاطفي. ونقول إن أول مصلحة تبنى عليها السياسة، هي التناغم أولا بين الشعب والنظام. والتناغم في قضية فلسطين بين الملكية بالمغرب وملايين المغاربة حقيقة وليست افتراضا، وكل سعي لجعل الموقفين الرسمي والشعبي في صدام هو خيانة للملكية ولشعب أغلبيته الساحقة ملكيون متعصبون، مستعدون لحمل السلاح من أجل حماية الجالس على العرش، كما حملوها لعودة جده محمد الخامس.

سيقول متفقهون يجب مراعاة التوازنات، ونقول يجب الحرص على التوازن القائم، لا أن يقوم بعضهم بما يؤدي لاختلاله باسم ضرورة التوازنات.

سيقول بعضهم إن ثمة علاقات اقتصادية مع الكيان، سنقول إننا نؤمن ونحاسب بما هو رسمي معبر عنهم. وليس إلى الآن تطبيع ولا تصريح بالتطبيع، وإن حصل ــ ولن يحصل ــ سيكون لكل مقام مقال وموقف على الأرض.

سيقولون إنك تحمل المغرب ما لا يطيق ونحن لسنا بقوة أمريكا والسرطان الاسرائيلي المتحكم فيها، طيب ألستم من تطبلون وتزمرون للوبي اليهودي المغربي الذي تصرف عليه ملايين الدولارات سنويا بأمريكا..فلتدعو ناديكم لينفعكم.

لن نستغرب منكم مزيد صلف إن طالبتم غدا بسن قانون يجرم إحراق علم الصهاينة، باعتبار ذلك إهانة في حق “دولة شقيقة”. أخبركم أني أضعه على عتبة بابي كي أمسح فيه نعلي، وفي مكان “محترم” بدورة المياه أيضا.

لن يحافظ على الصحراء إلا أبناء من أراقوا فوق تراها دماءهم، ولن يدافع عن الأرض والعرض إلا هذا الشعب الطيب الشهم المعطاء.

أيها المرضى:

لن يجلب لنا القوة والمنعة سوى تقوية التلاحم بين النظام والشعب عبر مكافحة الفساد وترسيخ المؤسسات وتوطيد القانون والعدالة الاجتماعية.

لن ينفعنا غير الديموقراطية والقضاء العادل وتوزيع مجالي وثرواتي متوازن وتعليم وطني عقلاني منفتح أصيل.

لن تفيدنا دول الخليج التي ستنتهي صلاحيتها ويرفع عنها الغطاء بعد عشر سنوات، حيت ستضطر للاقتراض، ولن ينفعها من سيأتون بعد النتن ياهو ولا المعتوه ترامب..طالعوا آخر التقارير يا سفلة.

ما سينفع الناس على هذه الأرض هم هؤلاء الناس هنا والآن..وغدا.

www.achawari.com


 

تعليقات الزوار
جاري تحميل التعاليق...

شاهد أيضا

يستخدم هذا الموقع ملفات تعريف الارتباط لتحسين تجربتك. سنفترض أنك موافق على هذا ، ولكن يمكنك إلغاء الاشتراك إذا كنت ترغب في ذلك. موافقالمزيد