بنعيسى آيت الجيد..لكل دم مريد

 أحمد الجلالي

مع توالي السنين، أخذ دم الطالب المغربي المرحوم بنعيسى آيت الجيد يتحول إلى أسطورة، بعد أن كان قضية جنائية سبق للعدالة المغربية أن حكمت فيها ثم قيل إن جديدا ظهر في القضية، وبالتالي على عبد العالي حامي الدين، القيادي في العدالة والتنمية، أن يمثل مرة أخرى أمام العدالة، هي نفس العدالة التي سبق لها أن برأته واستفاد من عملية الإنصاف والمصالحة.

هذا الجزء من الحكاية صار يعرفه ربما حتى الذين ولدوا سنوات بعد مقتل آيت الجيد. في كل منعطف من هذه القضية المأساة تتناسل الأسئلة أكثر مما تتوالد الإجابات، ولعل أهم سؤالين في كل هذا المعمعان هما: من قتل بنعيسى؟ ولم لم تستطع العدالة أن تحسم في الموضوع بشكل نهائي؟

ولأن الأحزاب والتنظيمات السياسية والحقوقية عندنا صارت تعاني خواء آيديولوجيا قاتلا فقد صارت أطياف اليسار والقريبون منه وأدعياؤه، بل وحتى المنتسبون إليه زورا “كلها يقول ديالي”، والحال أنه “كية لي جات فيه”، أي الضحية وأسرته وأحبته بدرجة أولى وأخيرة.

ولأن حامي الدين صار في عين العاصفة قبل أسابيع، مرة أخرى، فقد قامت قيامة نقابة صحافيي المغرب لكي لا يحتضن مقر النقابة غدا الجمعة ثاني أبريل 2018 بالرباط ندوة لجمعية حقوقية يرأسها حامي الدين نفسه.

ضغط شديد نزل على كاهل النقيب عبد الله البقالي كي لا يتم هذا النشاط، و مقالات مشتكية وأخرى مترجية ورسائل ناصحة وأخرى محتجة على السماح لحامي الدين بتنظيم نشاط جمعيته بمقر النقابة، في وقت تحدث فيه البعض عن تجييش قاعدي للاحتجاج أمام مقر النقابة مقابل “إنزال” مفترض للمتعاطفين مع صاحب الندوة لإغراق المقر بحضور كثيف.

البقالي، وبحسه السياسي، سل الشعرة من العجين والشوكة بلا دم أو قيح واعتذر لحامي الدين و “مريضنا” لا باس عليه، والسلام.

في نظرنا هذه ليست معركة ولا رابح فيها ولا خاسر لأنها مجرد خلاف حول نشاط ولكل تقديراته، وقد تم تطبيق مبدأ أصولي أصيل هو “دفع المفسدة مقدم على جنب المصلحة”.

في بداية القرن والألفية آمنا نحن مواليد السبعينات وحتى بداية الثمانينات أن بلادنا آخذة في المصالحة مع ذاتها من أجل المستقبل، لكن قطار مصالحتنا مع ماضينا لا يريد أن يسرع رغم تشحيم عجلاته مرارا.

لكل حقبة “دمها” ولكل دم مريدوه، بداية من المرحوم المهدي بنبركة إلى المرحوم آيت الجيد. يبقى الدم معلقا بأشباح ويستمر المريدون يلوحون بالقمصان الملطخة إلى ما لا نهاية، ويتساءل كل جيل: من قتل من؟ ولماذا وقع هذا القتل أو الاغتيال أو الاعتداء أو السفك أو الإرهاب..وهلم جرا مع مصطلحات الرعب.

يا سادة، إن كنتم تريدون فعلا أن يزاحم هذا المغرب باقي الأمم في هذه الألفيه ففكوه من أغلال الماضي عبر قول العدالة الكلمة ـــ الحسم، أما مراوحة المكان فلن تزيد الوضع سوى تخلفا.

ويا رفاق بنعيسى ومحبوه وحتى من يدعون حبه،  ابحثوا لأنفسكم عن شعارات أخرى وقضايا أخرى تنفع الأحياء، أما الأموات، ومنهم آيت الجيد فلهم الرحمة..

اتركوه في سلام

واحترموا سكونه

فلو بقي بيننا فعلا

كما هو وبأفكاره

فلا شيء يمنع أنكم

 كنتم ستجلدونه

أو تقاومونه

أو تمقتونه

أو تساومونه

www.achawari.com


 

 

 

تعليقات الزوار
جاري تحميل التعاليق...

شاهد أيضا

يستخدم هذا الموقع ملفات تعريف الارتباط لتحسين تجربتك. سنفترض أنك موافق على هذا ، ولكن يمكنك إلغاء الاشتراك إذا كنت ترغب في ذلك. موافقالمزيد